به غير واحد، بل يعلم أنه لا يحكم ببطلان الأولى لو أطلق رهانته على الدين الثاني من غير تعرض للأول، لما عرفت من عدم التنافي فالأصل بقاؤها حينئذ، ودعوى ظهور الاطلاق في ذلك ممنوعة، فتردد الشهيد حينئذ في بطلان الأولى في صورة الاطلاق في غير محله.
نعم قد احتمله في القواعد فيما إذا كان الدين المتجدد لأجنبي، وقد أجاز المرتهن الأول رهانته عنده، والبطلان في خصوص ما قابل دين الثاني لو فرض زيادته عليهما، والعدم مطلقا من غير ترجيح لأحد الثلاثة كالتحرير، والدروس، وغيرها.
مع أن الأقوى الأخير منها فيه، وفاقا للتذكرة، وجامع المقاصد، أيضا، لعدم التنافي حتى لو كان الرهن لا يفي إلا بدين الثاني، لاطلاق الأدلة ووجوب الوفاء بالعقد، ولا يمتنع كون الشئ رهنا بمجموع لا يفي ثمنه بأدائه، لأن الأداء ثمرة الرهن بعد تحققه، لا نفسه، وإنما يثبت الأداء بحسب حال الثمن باعتبار كثرته وقلته.
وتقديم دين شخص في الأداء على الآخر لا ينافي تعلق كل من الدينين بالرهن لما قلناه من أن ذلك ثمرة الرهن ومقصوده، ولا محذور في أن يكون المقصود في بعض أولى وأسبق من البعض الآخر، وإن استويا فيما له المقصود والثمرة.
ولأنه لو تضمن عقد واحد رهنا بدينين وتقديم أحدهما على الآخر في الأداء ثم تأدية الآخر بعد أداء الأول لم يكن ذلك باطلا، ففي العقدين المستقلين أولى، لوقوع الثاني بعد القطع بصحة الأول، فلا بد في طرو البطلان عليه من دليل أقوى من دليل الصحة.
ودعوى أن مقتضى الرهن الاختصاص بمجموعه بالنسبة إلى الدين المرهون به، ليقضي ذلك الدين من ثمنه، واختصاص كل من الدينين بمجموع الرهن متناف لأن اختصاص أحدهما بالمجموع على هذا الحكم ينافي الاختصاص الآخر، وقد ثبت الرهن الثاني بالسبب الطاري وإجازة المرتهن الأول فيبطل الأول - يدفعها منع المنافاة كما عرفته مفصلا وإجازة المرتهن إنما توجب تقديمه عليه بناء على اقتضاء العقد ذلك لا بطلان الأول.