* (كتاب الحج) * * (فصل: في حقيقة الحج والعمرة وشرايط وجوبها) * الحج في اللغة هو القصد، وفي الشريعة كذلك إلا أنه اختص بقصد البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة عنده متعلقة بزمان مخصوص، والعمرة هي الزيارة في اللغة، و في الشريعة عبارة عن زيارة البيت الحرام لأداء مناسك عنده، ولا يختص بزمان مخصوص وهما على ضربين: مفروض ومسنون. فالمفروض منهما على ضربين: مطلق من غير سبب وواجب عند سبب. فالمطلق من غير سبب هي حجة الاسلام وعمرة الاسلام، وشرايط وجوبهما ثمانية: البلوغ وكمال العقل والحرية والصحة ووجود الزاد والراحلة والرجوع إلى كفاية إما من المال أو الصناعة أو الحرفة، وتخلية السرب من الموانع وإمكان المسير، ومتى اختل شئ من هذه الشرايط سقط الوجوب، ولم يسقط الاستحباب.
ومن شرط صحة أدائهما الاسلام، وكمال العقل لأن الكافر، وإن كان واجبا عليه لكونه مخاطبا بالشرع فلا يصح منه أداؤهما إلا بشرط الاسلام، وعند تكامل الشروط يجبان في العمر مرة واحدة، وما زاد عليها مستحب مندوب إليه، ووجوبهما على الفور دون التراخي.
وأما ما يجب عند سبب فهو ما يجب بالنذر أو العهد أو إفساد حج دخل فيه أو عمرة، ولا سبب لوجوبهما غير ذلك بحسبها إن كان واحدا فواحدا، وإن كان أكثر فأكثر، ولا يصح النذر بهما إلا من كامل العقل حر فأما من ليس كذلك فلا ينعقد نذره، ولا يراعى في صحة انعقاد النذر ما روعي في حجة الاسلام من الشروط لأنه ينعقد نذر من ليس بواجد للزاد والراحلة، ولا ما يرجع إليه من كفاية، وكذلك ينعقد نذر المريض بذلك غير أنه إذا عقد نذره بذلك. ثم عجز عن المضي فيه أو حيل بينه أو منعه مانع أو نذر في حال الصحة. ثم مرض فإنه يسقط فعله في الحال، ويجب