* (فصل في ذكر حقيقة الطهارة وجهة وجوبها وكيفية أقسامها) * الطهارة في اللغة: هي النظافة. وفي الشريعة عبارة عن إيقاع أفعال في البدن مخصوصة على وجه مخصوص يستباح بها الدخول في الصلاة: وهي على ضربين: طهارة بالماء وطهارة بالتراب. فالطهارة بالماء على ضربين:
أحدهما: يختص بالأعضاء الأربعة فتسمى وضوء، والآخر يعم جميع البدن فتسمى غسلا، والتي بالتراب يختص عضوين فقط على ما سنبينه.
والوضوء على وجهين: واجب وندب، فالواجب هو الذي يجب لاستباحة الصلاة والطواف ولا وجه لوجوبه إلا هذين، والندب فإنه مستحب في مواضع كثيرة لا تحصى، و أما الغسل فعلى ضربين أيضا: واجب وندب. فالواجب يجب للأمرين اللذين ذكرناهما ولدخول المساجد، ومس كتابة القرآن، وما فيه اسم الله تعالى وغير ذلك، وأما المندوب فنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى، وأما ما يوجب الوضوء أو الغسل فسنبينه فيما بعد إن شاء الله، والطهارة بالماء هي الأصل وإنما يعدل عنها إلى الطهارة بالتراب عند الضرورة وعدم الماء، وتسمية التيمم بالطهارة حكم شرعي لأن النبي صلى الله عليه وآله، قال:
جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا، وأخبارنا مملوءة بتسمية ذلك طهارة (1) فليس لأحد أن يخالف فيه، وينبغي أولا أن نبدأ بما به يكون الطهارة من المياه وأحكامها.
ثم نذكر بعد ذلك كيفية فعلها وأقسامها، ثم نعقب ذلك بذكر ما ينقضها ويبطلها، و الفرق بين ما يوجب الوضوء والغسل. ثم نعود بعد ذلك إلى أقسام التيمم على ما بيناه، ونحن نفعل ذلك ونذكر في كل فصل ما يليق ولا نترك شيئا قيل ولا يمكن أن يقال إلا وأذكره إلا ما لعله يشذ منه من النادر اليسير والتافه الحقير. إذ الحوادث لا تضبط والخواطر لا تحصر غير أنه لا يخلو أن يكون في جملة المسطور ما يمكن أن يكون جوابا عنه إن شاء الله.