* (فصل: في ذكر وجوب النية في الطهارة) * النية واجبة عند كل طهارة وضوء كانت أو غسلا أو تيمما وهي المفعولة بالقلب دون القول، وكيفيتها أن ينوي رفع الحدث أو استباحة فعل من الأفعال التي لا يصح فعلها إلا بطهارة مثل الصلاة والطواف فإذا نوى استباحة شئ من ذلك أجزأه لأنه لا يصح شئ من هذه الأفعال إلا بعد الطهارة، ومتى ينوي استباحة فعل من الأفعال التي ليس من شرطه الطهارة لكنها مستحبة مثل قراءة القرآن طاهرا ودخول المسجد وغير ذلك. فإذا نوى استباحة شئ من هذا لم يرتفع حدثه لأن فعله ليس من شرطه الطهارة، وحكم الجنب في هذا الباب حكم المحدث سواء إلا أن في حق الجنب في بعض أفعاله بشرط الطهارة مثل دخول المسجد فإنه ممنوع منه ولا يجوز منه إلا بعد الغسل وليس كذلك المحدث فإذا نوى الجنب استباحة دخول المسجد والجلوس فيه ارتفع حدثه، وأما الاختيار فيه فحكم الجنب وحكم المحدث وحكم المحدث فيه سواء، وإذا اجتمعت أغسال من جملتها غسل الجنابة فإذا نوى بالغسل الجنابة أو رفع الحدث أجزأه، وإن نوى به غسل الجمعة لم يجزئه لأن غسل الجمعة لا يقصد به رفع الحدث بل المقصود به التنظيف فأما وقت النية فالمستحب أن يفعل إذا ابتدأ في غسل اليدين، ويتعين وجوبها إذا ابتدأ بغسل الوجه في الوضوء أو الرأس في غسل الجنابة، ولا يجزي ما يتقدم على ذلك ولا يلزم استدامتها إلى آخر الغسل والوضوء بل يلزمه استمراره على حكم النية، ومعنى ذلك ألا ينتقل من تلك النية إلى نية تخالفها فإن انتقل إلى نية تخالفها وقد غسل بعض أعضاء الطهارة ثم تمم لم يرتفع الحدث فيما غسل بعد نقل النية ونقضها. فإن رجع إلى النية الأولى نظرت فإن كانت الأعضاء التي وضأها ندية بعد بنى عليها، وإن كانت قد نشفت استأنف الوضوء كمن قطع الموالاة، فأما في غسل الجنابة فإنه يبني على كل حال لأن الموالاة ليست شرطا فيها، ومتى نوى بطهارته رفع الحدث والتبرد كان جايزا لأنه فعل الواجب وزيادة لا تنافيها، وإذا نوى استباحة صلاة بعينها جاز له أن يستبيح سائر الصلوات نفلا كانت أو فرضا، والتسمية عند الوضوء مستحبة غير واجبة
(١٩)