* (كتاب صلاة الجماعة) * صلاة الجماعة فيما عدا الجمعة سنة مؤكدة في جميع الصلوات، وليست بفرض لا على الأعيان، ولا على الكفايات فمن فعلها جماعة فقد فضلت صلاته على صلاة المنفرد بخمس وعشرين صلاة، ومن صلى منفردا جازت صلاته وفاته الفضل، وأقل ما ينعقد به الجماعة اثنان فصاعدا وأكثره لا حصر له، وكلما كثروا كان أفضل والظاهر من المذهب أن الجماعة لا تنعقد جماعة إلا بشرط تقديم الأذان والإقامة، وفي أصحابنا من قال: إن ذلك من الفضل دون الوجوب.
إذا صلى في مسجد جماعة كره أن يصلي فيه دفعة أخرى جماعة تلك الصلاة فإن حضر قوم صلوا فرادى، وروي صحة ذلك غير أنهم لا يؤذنون ولا يقيمون، ويجتزون بما تقدم من الأذان والإقامة. هذا إذا لم يكن الصف قد انفض. فإن انفض جاز لهم أن يؤذنوا ويقيموا، ولا ينبغي أن يترك صلاة الجماعة إلا لعذر عام أو خاص. فالعام المطر والوحل والرياح الشديدة وما أشبه ذلك، وهذه الأعذار في الجماعة هي أعذار في ترك الجمعة لقول النبي صلى الله عليه وآله إذا ابتلت النعال فالصلاة على الرحال قال الأصمعي:
النعال وجه الأرض الصلبة، والعذر الخاص المرض، والخوف، ومدافعة الأخبثين، وحضور الطعام مع شدة الشهوة أو فوات رفقة أو هلاك طعام له من طبيخ أو خبز يخاف احتراقه أو خوف ضرر يلحقه دينا أو دنيا أو يكون له عليل أو يغلبه النعاس فيخاف في انتظار الجماعة عليه النوم وانتقاض الطهر فتفوته الصلاة أو ذهاب مال أو إباق عبد وما أشبه ذلك فإن عند جميع ذلك يجوز له التأخير لقوله عليه السلام: ما جعل عليكم في الدين من حرج.
ويجوز للمنتفل أن يأتم بالمفترض، والمفترض بالمنتفل والمفترض بالمفترض مع اختلاف فرضيهما، ومع اتفاقهما إذا رأى رجلين يصليان فرادى فنوى أن يأتم بهما لم يصح صلاته لأن الاقتداء بإمامين لا يصح، وإذا نوي أن يأتم بأحدهما لا بعينه