قليلا كان الماء أو كثيرا فإن تغير أحد أوصافها لم يجز استعماله إلا عند الضرورة للشرب لا غير، والطريق إلى تطهيرها تقويتها بالمياه الجارية ورفعها حتى يزول عنها التغيير، ومياه الحمام حكمها حكم المياه الجارية إذا كان لها مادة من المجرى فإن لم يكن لها مادة كان حكمها حكم المياه الواقفة، ومياه الموازيب الجارية من المطر حكمها حكم الماء الجاري سواء.
وأما المياه الواقفة فعلى ضربين: مياه الآبار، والركايا التي لها نبع من الأرض وإن لم يكن لها جريان، ومياه غير الآبار من المصانع والغدران والحياض والأواني المحصورة. فمياه غير الآبار على ضربين: قليل وكثير.
فللكثير حدان: أحدهما: أن يكون مقداره ألف رطل ومأتي رطل (1) وفي أصحابنا من يقول: بالعراقي (2) وفيهم من يقول: بالمدني (3) والأول أصح. والحد الآخر أن يكون مقداره ثلاثة أشبار ونصفا طولا في عرض في عمق فما بلغ هذا المقدار لا ينجسه ما يقع فيه من النجاسات إلا ما يغير أحد أوصافه من اللون أو الطعم أو الرايحة فإن تغير أحد أوصافه بنجاسة تحصل فيه فلا يجوز استعماله إلا عند الضرورة للشرب لا غير، والطريق إلى تطهيره أن يطرء عليه من المياه الطاهرة المطلقة ما يرفع ذلك التغيير عنها فحينئذ يجوز استعماله، وإن ارتفع التغيير عنها من قبل نفسها أو تراب تحصل فيها أو بالرياح التي تصفقها أو بجسم طاهر يحصل فيها لم نحكم بطهارته لأنه لا دليل على ذلك ونجاستها معلومة. فإن كان تغيير هذه المياه لا بنجاسة بل من قبل نفسها أو بما يجاورها من الأجسام الطاهرة مثل الحمأة والملح أو ينبت فيها مثل الطحلب والقصب وغير ذلك أو لطول المقام لم يمنع ذلك