التقييد، فليس هو إلا لما ذكرناه من عدم المنافاة، وأنه قد علم من الأدلة كون الجهاد من الأفعال القابلة للنيابة، فالمكلف مخير بين أن يجاهد عن نفسه، فيكون هو أحد أفراد الكفاية، أو يؤجر نفسه فيكون نائبا ويصير المنوب عنه أحد أفراد الكفاية، الذين يسقط بهم الوجوب عن الغير فتأمل جيدا، فإنه دقيق نافع وقد سلف في الجهاد ما يؤكد ذلك ولا إلى التزام عدم وجوبها إلا بالشرط، فهي قبله غير واجبة، من غير فرق بين الانحصار وعدمه، وكذا بذل المال للمضطر إذ هو مع أنه ممنوع في الأخير قطعا، ضرورة وجوب البذل مطلقا وإن استحق الباذل العوض في الذمة مناف لصريح كلامهم في الأول، فإنهم قد صرحوا بأن الصناعات ونحوها من الواجبات الكفائية، وإن كان لا يخلو من اشكال، ولو سلم فالمراد منه وجوب وجود العارف بها، لا أنه يجب عليه العمل.
وقد يدفع بأنه لا مانع من ذلك ضرورة توقف النظام عليه، كما أومأ إليه بقوله تعالى (1) (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا) ولا بأس بالوجوب مع العوض فتأمل، ولا إلى أن الأصل التحريم إلا ما خرج بنص أو اجماع، ولا إلى غير ذلك من التجشمات التي من الواضح فسادها بأدنى نظر.
بل التحقيق ما عرفته من عدم المنافاة بين صفة الوجوب، واستحقاق العوض للوقوف على التراضي في صورة قيام الغير، والتقدير بأجرة المثل في صورة عدمه، كبذل المال للمضطر، ولا ينافي ذلك تصريح غير واحد بعدم جواز أخذ الأجرة على ما في المتن حتى حكى