والضوابط، جمعا بين ما دل على وجوب بذل المال أو العمل، وبين ما دل على احترام القاضي بضمانهما إذا فرض عدم ظهور دليل الوجوب في المجانية، إذ كما أن الإذن الشرعية في الأموال والأنفس لا تنافي الضمان، كذلك الأمر الشرعي بدفع المال أو العمل لا ينافي الضمان، فالمتجه حينئذ القول بعدم المنافاة ذاتا، نعم لو حصل مانع خارجي كالجمع بين العوض والمعوض عنه ونحوه مما تكون المعاملة به سفهية عبثية ولو من جانب واحد، أو فهم مما دل على الوجوب كونه بصفة المجانية اتجه المنع.
ودعوى أن كل واجب وإن كان مورده عملا ينتفع به الغير كذلك واضحة المنع، ضرورة تعدد الفوائد للوجوب من حيث الإجارة مثلا دون وجوب غيرها وذلك نظير اشتراط خيار المجلس والعيب مثلا مع فرض ثبوتهما بسبب آخر غير الشرط، وبذلك يندفع الاشكال باعطاء الأجرة في الواجب الكفائي الصناعي، حتى في مثل الطبابة، ولا حاجة إلى الالتزام في حله بأن الحكم مخصوص بالواجب العبادي دون غيره كي يشكل ذلك بالدفن ونحوه مما صرحوا بعدم أخذ الأجرة عليه، مع أنه ليس من العبادة في شئ ولا إلى التزام عدم أخذ الأجرة عليه إلا في حال عدم وجوبه، لقيام الغير به مثلا، والصناعات في كل قطر قد وجد من يقوم بها، فلذلك جاز أخذ الأجرة وأن الإجارة على الجهاد تجوز إذا علم أو ظن قيام من فيه كفاية، أو أن المؤجر ممن لا يجب عليه أصلا، ومقتضاه عدم جواز أخذ الأجرة مع عدم القيام، بل يشكل في حال القيام بعدم تعين الفرد الواجب الذي يسقط به التكليف في الواقع من غيره، حتى يصح أخذ الأجرة عليه، على أن ما دل على الإجارة في الجهاد مطلق، لا إشارة فيه إلى شئ مما ذكره من