إذا أنا لم أنصر أخي وهو ظالم * على القوم لم أنصر أخي وهو يظلم ولقد كان النبي يتكلم بما للعرب من أمثال فلا يلبث الرواة أن يصيروه من كلامه ويتلقاه الناس على أنه حديث، وأصله ما علمت.
ومثل هذه الكلمة المثل المشهور " زر غبا تزدد حبا " فقد أورده رجال الحديث على أنه من قول النبي ودونوه في كتبهم - وكان أول من قاله معاذ بن حزم الخزاعي فارس خزاعة.
وقد ذكر أبو حيان التوحيدي في كتابه ﴿الصداقة والصديق﴾ (1) ما يلي:
" قال أبو هريرة: لقد دارت كلمة العرب " زر غبا تزدد حبا " (2) إلى أن سمعت من رسول الله، ولقد قالها لي.
قال العسجدي: ليست هذه الكلمة محمولة على العام، ولكن ها مواضع يجب أن تقال فيها، لان الزائر يستحقها، ألا ترى أنه صلوات الله عليه لا يقول ذلك لأبي بكر ولا لعلي بن أبي طالب وأشباههما، فأما أبو هريرة فأهل ذاك لبعض الهنات التي يلزمه أن يكون مجانبا لها، وحائدا عنها.
وهنات أبي هريرة التي يغتمزه بها العسجدي أنه كان لنهمه يغشى بيوت الصحابة في كل وقت، وكان بعضهم يزور عنه، وينزوى منه، فأراد الرسول أن يلقى عليه درسا في أدب الزيارة فذكر له المثل العربي " زر غبا تزدد حبا ".
وفى الزيارة المتواترة قال الشاعر:
إذا شئت أن تقلى فزر متواترا * وإن شئت أن تزداد حبا فزر غبا ولم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا القول بل كرره مرة ثانية لما وجده لم يرجع عن طبيعته، وأشار عليه بأن يسلك في الحياة طريقا كريما لابتغاء العيش، بأن يعمل ولو بأن يحتطب!
وها هو ذا يعترف بأنه سمع هذه النصيحة من النبي صلى الله عليه وآله كما اعترف في حديث: زر غبا تزدد حبا.