ولست بالأكثر منهم حصى * وإنما العزة للكاثر وأراد نفي العزة عمن ليس بكاثر، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله:
(إنما الماء من الماء) 1 واحتج بذلك الأنصار في نفي الماء من غير الماء وادعي من خالفهم نسخ الخبر، فعلم أنهم فهموا منه التخصيص وإلا كانوا يقولون: (إنما) لا تفيد الاختصاص بوجوب الماء من الماء.
والذي يدل على أن الولاية في الآية مختصة أنه قال: " وليكم " فخاطب به جميع المؤمنين جملتهم ودخل في ذلك النبي وغيره ثم قال: " ورسوله " فأخرج النبي عليه وآله السلام من جملتهم لكونهم مضافين إلى ولايته، فلما قال: " والذين آمنوا " وجب أيضا أن الذي خوطب بالآية غير الذي جعلت له الولاية، وإلا أدى إلى أن يكون المضاف هو المضاف إليه، وأدى إلى أن يكون كل واحد منهم ولى نفسه، وذلك محال.
وإذا ثبت أن المراد في الآية ما ذكرناه والذي يدل على أن أمير المؤمنين عليه السلام هو المختص بها أشياء:
منها أن كل من قال إن معنى الولي في الآية معنى الأحق قال إنه هو المخصوص به، ومن خالف في اختصاص الآية فجعل الآية عامة في المؤمنين وذلك قد أبطلناه.
ومنها أن النقل حاصل من الطائفتين المختلفتين والفرقتين المتباينتين من الشيعة وأصحاب الحديث أن الآية خاصة في أمير المؤمنين عليه السلام.
ومنها أن الله تعالى وصف الذين آمنوا بصفات ليست موجودة إلا فيه لأنه قال: " والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " فبين أن المعنى بالآية هو الذي آتي الزكاة في حال الركوع، وأجمعت الأمة على أنه لم يؤت أحد الزكاة في هذه الحال غير أمير المؤمنين عليه السلام.
وليس لأحد أن يقول إن قوله: " وهم راكعون " ليس هو حالا لإيتاء الزكاة بل إنما المراد به أن صفتهم إيتاء الزكاة لأن ذلك خلاف للغة، إلا ترى أن القائل إذا قال: لقيت فلانا وهو راكب لم يفهم منه إلا لقاؤه في حال الركوب ولم يفهم منه أن من شأنه الركوب. وإذا قال: رأيته وهو جالس أو جاءني وهو ماش، لم يفهم