[فإن] الجملة المتأخرة محتملة للمعنى الذي هو في الجملة الأولى ولغيره، فينبغي أن تكون محمولة عليه دون غيره على ما جرت به عادتهم في الخطاب.
فإن قيل: دلوا أولا على صحة الخبر فإن مخالفيكم يقولون إنه من أخبار الآحاد التي لا توجب علما، ثم دلوا على أن مولى يفيد معنى أولى في اللغة، ثم بينوا بعد ذلك أنه لا بد أن يكون ذلك مرادا بالخبر دون غيره من الأقسام.
قيل له: الذي يدل على صحة الخبر هو أنه قد تواترت به الشيعة عن النبي صلى الله عليه وآله، وقد رواه أيضا من مخالفيهم من أن لم يزيدوا على حد التواتر لم ينقصوا منه، لأنه لا خبر في الشريعة مما قد اتفق مخالفونا معنا على أنه متواتر نقل كنقله، ألا ترى أن أصحاب الحديث طرقوه من طرق كثيرة، هذا محمد بن جرير الطبري قد أورده من نيف وسبعين طريقا في كتابه المعروف في ذلك، وهذا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قد رواه من مائة وخمسة طرق، وقد ذكره أبو بكر الجعابي 1 من مائة وخمسة وعشرين طريقا، وفي أصحاب الحديث من ذكر أنه قد رواه أكثر من هؤلاء أيضا. وليس في شئ من أخبار الشريعة ما نقل هذا النقل، فإن لم يكن هذا متواترا فليس ها هنا خبر متواتر.
وأيضا فإن الأمة بأجمعها قد سلمت هذا الخبر وإن اختلفت في تأويله ولم يقدم أحد منهم على إبطاله، فلو لم يكن صحيحا لما خلا من طاعن يطعن عليه، لأن ذلك كأن يكون إجماعا على الخطأ وذلك لا يجوز عندنا ولا عند مخالفينا وإن اختلفنا في علة ذلك.
وأيضا فنحن إذا بينا فيما بعد أن مقتضى هذا الخبر الإمامة دون غيرها ثبت لنا صحته لأن كل من ذهب إلى أن مقتضاه الإمامة قطع على صحته ومن قال إنه خبر واحد لم يذهب في مقتضاه إلى معنى الإمامة.
وإذا ثبت صحته فالذي يدل على أن المولى يفيد الأولى في اللغة هو استعمال أهلها، هذا أبو عبيدة معمر بن المثنى فسر قوله تعالى: " مأويكم النار هي