القدماء أيضا، وإطباق متأخري المتأخرين على ذلك، مع مخالفتها لما سمعت من الأخبار - يضعف الظن بها لقوة الأخبار عليها من وجوه، على أن العلامة في المنتهى يظهر منه المناقشة في نسبته إلى الأكثر فضلا عن الاجماع فتأمل. ولا استبعاد في خفاء هذا الحكم على المتقدمين وظهوره لغيرهم، لأن مثله غير عزيز فكم من حكم خفي عليهم وظهر لغيرهم في الأصول والفروع، وربما سمعت أن المرتضى وغيره قد ادعى الاجماع على عدم جواز العمل بأخبار الآحاد الذي لا ينبغي الشك في بطلانه.
وأما أخبار النزح فلا دلالة في شئ منها على النجاسة بل هي أن حملت على ظاهرها من الوجوب اتجه مذهب العلامة وإن حملناها على الاستحباب كما يدعيه المشهور فلا إشكال حينئذ وستسمع تحقيق الحال فيها إن شاء الله، ولا حاجة إلى بيان فساد باقي المؤيدات التي ذكرناها للقول بالنجاسة هذا.
ونقل عن البصروي التفصيل في حكم البئر بين أن يكون كرا أو لا، وقال بعضهم أنه لازم للعلامة لاشتراطه الكرية في الجاري وليست البئر أولى منه. وفيه أنه قد يكون للبئر حكم بالخصوص فإن لها أحكاما كثيرة قد اختصت بها سواء كان ماؤها قليلا أو كثيرا لمكان الأخبار، ولذا حكم المشهور بعدم نجاسة الكر مع قولهم أن البئر إذا بلغت مائة كر تنجس بالملاقاة. وكيف كان فمستنده بعد عموم ما دل (1) على اشتراط الكر في الماء رواية الحسن بن صالح الثوري (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إذا كان الماء في الركي كرا لم ينجسه شئ " وما عن الفقه الرضوي (3) حيث قال (عليه السلام): " كل بئر عمق مائها ثلاثة أشبار ونصف في مثلها فسبيلها سبيل الجاري إلا أن يتغير لونها وطعمها ورائحتها " وفي رواية أبي بصير (4) " عن البئر يقع