قال حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال (1) (مر عمر بن الخطاب بحسان ابن ثابت وهو ينشد الشعر في المسجد، (فلحظ) (2) إليه، فقال حسان: (قد) (3) كنت أنشد فيه مع من هو خير منك (4)، ثم التفت إلى أبي هريرة فقال: أنشدك الله. هل سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: يا حسان أجب عنى، اللهم أيده بروح القدس؟. قال: نعم.
قال أبو حاتم: في هذا الخبر كالدليل على الامر بجرح الضعفاء، لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لحسان بن ثابت: أجب عنى. وإنما أمر أن يذب عنه ما كان يقول عليه المشركون فإذا كان (في) تقول المشركين على رسول الله صلى الله - عليه وسلم يأمر أن يذب عنه، وإن لم يضر كذبهم المسلمين ولا أحلوا به الحرام، ولا حرموا به الحلال، كان من كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم من المسلمين الذي يحل الحرام، ويحرم الحلال بروايتهم أحرى أن يؤمر بذب ذلك الكذب عنه صلى الله عليه وسلم - وأرجو أن الله (تبارك وتعالى) يؤيد من فعل ذلك بروح القدس، كما دعا لحسان بذب الكذب عنه، وقال: اللهم أيده بروح القدس ولم يكن هذا العلم في زمان قط تعلمه أوجب منه في زماننا هذا، لذهاب من كان يحسن هذا الشأن وقلة اشتغال طلبة العلم به، لأنهم اشتغلوا في العلم في زماننا هذا، وصاروا حزبين (5): فمنهم طلبة الاخبار الذين يرحلون فيها إلى الأمصار، وأكثر همتهم الكتابة، والجمع دون الحفظ، والعلم به وتمييز الصحيح من السقيم، حتى سماهم العوام " الحشوية " والحزب الآخر المتفقهة الذين جعلوا جل اشتغالهم بحفظ الآراء والجدل، وأغضوا عن حفظ السنن ومعانيها، وكيفية قبولها وتمييز الصحيح من السقيم منها (مع) نبذهم السنن قاطبة وراء ظهورهم.