فإذا لا دلالة فيما ذكر على موضع الخلاف بيننا وقال أيضا إن النسخ تأخير البيان لأنا أمرنا بالصلاة إلى بيت المقدس ومعنى ذلك أنا نصلي إليها ما بقينا والأمر الأول فنعتقد أن لا يزال يصلى إليها إن بقينا والأمر الأول فيقال له ليس هذا من تأخير البيان في شئ وذلك لأنه يجب علينا اعتقاد ثبوت الحكم بعد وروده وهذا الذي قد اعتقدنا ثبوته لا يجوز رفعه ولا تبين لنا خلافه وإنما الذي يجوزه من ذلك بيان آخر وقته غير مذكور في اللفظ فيلزمنا اعتقاد عمومه وإذا كان ذلك كذلك لم يكن ورود النسخ رافعا للاعتقاد الأول لأن ما اعتقدنا ثبوته لم يرتفع بورود النسخ وأما ورود نسخه فقد كنا نجوزه مع ورود الأمر وأنت فلا يمكنك أن تقول مثله في بيان الخصوص إلا بترك اعتقاد العموم في حال ورود اللفظ فيجعل نفس الحكم موقوفا على ما يرد من بيانه وأيضا فلو ورد الحكم الناسخ مع المنسوخ في خطاب واحد لم يتنافيا لأنه يصح أن تقول صل إلى بيت المقدس إلى وقت كذا ثم صل إلى الكعبة كما تقول صل إذا زالت الشمس ولا تصل عند الطلوع والغروب واعتقاد العموم لا يصح معه تأخير البيان لو جمعهما في خطاب واحد لأنه لو قال اعتقد قطع جميع السراق لم يصح أن يضم إليه وقف في السراق لا يحكم فيهم بشئ حتى يرد البيان لأن الاعتقاد الثاني ينافي الأول فلما لم يصح ورودهما على هذا الوجه في خطاب واحد لم يصح أن يريده به ولما صح جمع ذكر الحكم الناسخ والمنسوخ في خطاب واحد صح أن يريده
(٥٩)