على وجه البيان لأن اللفظ لما كان مجملا مفتقرا إلى البيان بكل ما ثبت أنه مشروط فيه من جهة خبر الواحد أو القياس أو غيره من وجوه الأدلة فهو مراد باللفظ ويصير اللفظ عبارة عنه فكان ثبوت ذلك فيه على جهة بيان المراد والدليل على امتناع جواز تأخير بيان ما يمكن استعمال حكمه على ما ورد فيه أنه قد ثبت عندنا صحة القول بالعموم ووجب حمل اللفظ على الحقيقة فالواجب علينا إذا كان هذا هكذا اعتقاد حكم اللفظ على ما تضمنه من عموم وحقيقة فغير جائز إذا كان المراد به الخصوص أو المجاز تأخير بيانه عن حال الخطاب به لأن ذلك يوجب أن يكون قد ألزمناه اعتقاد الشئ على خلاف ما هو به ولزوم حكمه على خلاف مراده وهذا لا يجوز على الله تعالى ولا على رسوله صلى الله عليه وسلم ولأنه إذا أوجب علينا اعتقاده بنفس ظهور اللفظ على ما تضمنه من عموم أو حقيقة فقد أجاز لنا الإخبار عنه بذلك وإن كان مراده البعض أو غير الحقيقة فقد أجاز لنا الكذب لأنه إخبار عن الشئ بخلاف ما هو به تعالى لله عن ذلك فلا ينفك القائل بتأخير بيان ما هذا وصفه من أحد أمرين إما ترك القول بالعموم والظاهر أو إجازة مجئ العبادة من الله تعالى باعتقاد الشئ على خلاف ما هو به والإخبار عنه بذلك وكلاهما منفيان عن الله تعالى وأيضا فإن إرادة التخصيص بمنزلة الاستثناء فكما لم يجز أن يتراخى الاستثناء عن الجملة بأن يقول فلبث فيهم ألف سنة ثم يقول بعد مدة خمسين عاما وجب أن يكون كذلك حكم العموم إذا أريد به الخصوص ألا يتأخر بيانه لأن العلة فيهما جميعا
(٤٩)