قيل له هذا غلط لأن كل ما حكم الله تعالى به ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو مما يجوز نسخه وتبديله فغير جائز لأحد أن يعتقد بقاءه ما دام النبي صلى الله عليه وسلم حيا بل يجب علينا اعتقاد جواز نسخه ما بقي النبي صلى الله عليه وسلم فإذا ورد النسخ فإنما ورد ما كان في اعتقادنا عند ورود الفرض المتقدم وقد احتج بعض من صنف في هذا الباب لامتناع جواز تأخير البيان فيما كان وصفه ما ذكرنا بقوله تعالى لتبين للناس ما نزل إليهم وقوله تعالى يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك قال فقد أمره بالتبليغ والبيان فلا يجوز له أن يؤخره لأن في تأخيره مخالفة أمر الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم أبعد الناس من ذلك وهذا لا دليل فيه على ما ذكر لأن قوله تعالى لتبين للناس ما نزل إليهم إنما يقتضي المنزل بعينه والمنزل مبين وإنما أراد إظهاره وترك كتمانه ولا دلالة فيه على أنه أراد بيان الخصوص وأيضا فإنه احتاج أن يثبت أولا أن البيان مما نزل إليه حتى يبين وكلامنا مع المخالف في هل جائز أن يؤخر الله تعالى بيان العموم إذا كان مراده الخصوص وليس في الآية امتناعه فلا معنى للاحتجاج بها في ذلك وأيضا فإنه لو كان المراد بيان الخصوص لما دلت على وجوبه على الفور كما تقول أعطيتك هذه الدراهم لتشتري بها ثوبا أو لتنفقها على نفسك لا دلالة فيه على إرادة ذلك في الحال
(٥١)