الآي الموجبة لفساد مقالته وحملها على وجوه تناقض الأصول وتنافيها كان قوله ساقطا مطروحا فإن قال قائل الدليل على صحة مقالتنا قوله تعالى لتبين للناس ما نزل إليهم فأخبر أن النبي عليه السلام بعث مبينا فلا يكون الكتاب إذن مبينا لقوله وقوله تعالى ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها يدل على أنه إنما ينسخ آية مثلها وكذلك قوله تعالى وإذا بدلنا آية مكان آية قيل له لا يخلو قوله تعالى لتبين للناس ما نزل إليهم من أحد وجهين إما أن يكون المراد به إظهاره وترك كتمانه فيتناول جميع القرآن ما افتقر منه إلى بيان وما لم يفتقر فيكون بمعنى قوله تعالى يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك أن يكون المراد منه ما احتاج منه إلى بيان الرسول دون غيره فإن كان المراد به الوجه الأول فليس يمتنع أن ينزل الله تعالى إليه النسخ للسنة فيبينه للناس بإظهاره إياه فهذا لا يكون دلالة على جواز نسخ السنة بالقرآن أقرب منه إلى أن يمنع منه وإن كان المراد الوجه الثاني فلا دلالة فيه أيضا على ما ذكرت لأنه ليس في لزوم النبي عليه السلام بيان مجمل الكتاب ما ينفي نسخ السنة بحكم في القرآن غير مفتقر
(٣٣٢)