ولأن التلاوة يتعلق بها حكم في جواز الصلاة بها وما يستحق به من الثواب إذ كانت قرآنا ولا تستحق بغيره فدل ذلك من وجهين على نسخ حكم القرآن بالسنة أحدهما أن نسخ التلاوة لا محالة يقتضي نسخ حكم والثاني أنه قد ثبت قرآن منسوخ بغير قرآن فوجب مثله في حكم تضمنه لفظ القرآن دليل آخر وهو أن الأصل في الناسخ والمنسوخ أن ما صح اجتماعه في خطاب واحد جاز النسخ به على حسب ما تقدم القول منا فيه فلما لم يمنع أحد من تجويز سنة النبي صلى الله عليه وسلم عقيب تلاوة القرآن موجبة لتوقيت حكمه أن مراد الله في فعل ذلك إلى وقت كذا ثم ليس عليكم فعله بعده وإنما عليكم بعد مضي المدة عبادة أخرى كما جاز أن يقول الزكاة واجبة بعد الحول والحج واجب في وقت دون وقت وكذلك سائر الفروض وجب أن لا يمنع إبهام القول في حكم القرآن ثم ترد سنة الرسول عليه السلام بزوال ذلك الحكم ووجوب ضده كما جاز وجود ذلك منه عقيب نزول القرآن ودليل آخر وهو اتفاق الجميع على جواز تخصيص القرآن بالسنة والتخصيص إنما هو بيان الحكم في بعض المسميات فلا يمتنع على ذلك نسخة بالسنة إذ كان النسخ تخصيصا بالوقت دون وقت على الوجه الذي بينا والمعنى الجامع بينهما أن كل واحد منهما وارد على وجه التخصيص فإن قيل يلزمك على هذا تجويز نسخ القرآن بخبر الواحد وبالقياس كما جوزت تخصيصه بخبر الواحد وبالقياس قيل له لنا في تجويز تخصيص القرآن بخبر الواحد وبالقياس شرايط قد بينا
(٣٤٥)