قال وإن ورد مالا يمكن فيه فقد يجوز أن يكون مأخوذا من الكتاب وإن خفي علينا علمه فيقال له بم تنفصل ممن قال لك إن هذا القول يؤدي إلى ألا يكون في شريعة الرسول عليه السلام ناسخ ولا منسوخ لأن قوله تعالى أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده فيه الأمر بالاقتداء بالأنبياء المتقدمين في شرائعهم وجائز أن يكون جميع ما شرعه الله تعالى في كتابه وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم كان من شرائع الأنبياء المتقدمين وأن معنى الناسخ والمنسوخ أنه كان في شريعة من قبلنا بقاء الحكم المنسوخ فيهم هذه المدة من الزمان ثم نقلوا إلى الحكم الثاني فلا شئ في هذه القضية من حظر أو إيجاب أو إباحة إلا وقد كان مثله في شريعة من قبلنا على الوجه الذي ثبت في شريعتنا وإنما صار في شريعتنا بقوله تعالى أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده فإن قال لا يجب ذلك لأنا قد علمنا كون أشياء مباحة في شريعة من قبلنا حظرت في شريعتنا كالخمر ونحوها وكون أشياء محظورة في شريعتهم اباحتها شريعتنا كقوله تعالى وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومها قيل له نقول لهذا القائل ليس شئ مما حظر بعد الإباحة وأبيح بعد الحظر إلا وقد كان في شريعة من كان من قبلنا كذلك مدة من الزمان فتعبد النبي عليه السلام بالاقتداء بهم في الحكم في مثل المدة التي كان فيها الحظر أو الإباحة ثم يقال له ما أنكرت أن تكون هذه الآية دالة على جواز نسخ السنة بالقرآن لأنه ليس يمتنع أن يكون قد كان في شريعة من قبلنا أن سنن الأنبياء قد كان يجوز نسخها بالكتاب المنزل عليهم من الله تعالى إذ ليس معنا نص ولا إجماع يمنع من ذلك
(٣٢٧)