ثم قال تعالى أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده فينتظم جواز نسخ السنة بالكتاب كما كان في شريعة الأنبياء المتقدمين وأما قوله في حظر الأكل والشرب والجماع في ليالي الصوم بعد النوم ونسخه بقوله تعالى كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم وأنه جائز أن يكون كذلك في الشرائع المتقدمة فانتظمت الآية إثباته علينا على هذا الوجه فإنه يلزمنا ألا نجعل هذا الحكم منسوخا بقوله تعالى فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وأنه إنما زال بعد ثبوته في المدة التي كان بقي فيها لأنه كذلك كان فشريعة من كان قبلنا من الأنبياء فلا يكون في ذلك من شريعتنا ناسخ ولا منسوخ كما لو قال كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ثم قال حظر عليهم الأكل والشرب والمباشرة في ليالي الصوم بعد النوم مقدار سنة واحدة ثم كان بعد مضي السنة إباحة جميع ذلك بالليل بعد النوم وقبله لم يكن فيه نسخ شئ وإنما كان يكون فيه إيجاب حكم إلى وقت معلوم ولا يمكنه مع ذلك الانفصال ممن ينفي من أهل الملة وجود ناسخ ومنسوخ في القرآن لأن من ينفي من ذلك إنما نسلك فيه هذه الطريقة ويجري فيه على هذا المنهاج في نفي النسخ وهذا قول ظاهر الفساد وعلى أنه إنما ذكر أنه كتب علينا الصيام والصيام لا يكون بالليل وإن حظر الأكل فيه بعد النوم فكيف يتناول الليل وقد بين ذلك في سياق الآية
(٣٢٨)