والوجه الآخر أن دلالتنا على ما استدللنا به عليه قائمة لأن هذا كلام في الاسم لا في المعنى وإذا جاز أن يزيل الله حكما أقام عليه الدلالة في الأصل من طريق العقل بالقرآن جاز أن يزيل به ما حكم به على لسان الرسول عليه السلام لأن الجميع من عنده فجهة الاستدلال بالآية صحيحة على ما ذكرنا وأما قول هذا الرجل وكذلك ما أشبه هذه الآيات قد يمكن تخريجها على ذلك وإن ورد ما لا يمكن فيه فقد يجوز أن يكون مأخوذا من الكتاب وإن خفي علينا علمه فإنه يقال له هل يجوز عندك أن يكون لله تعالى مراد في حكم يشتمل عليه لفظ مذكور في الكتاب فيخفى عامه على جميع الأمة فإن قال نعم جواز أن يكون ها هنا أحكام كثيرة في الكتاب والسنة قد خفي علمها عن الأمة فأخطئوها وحكموا بغيرها وهذا يوجب جواز اجتماعهم على الخطأ وقد علمنا أن وقوع ذلك مأمون منهم وإن قال لا يجوز ذلك قيل له فلم أجزت ان ترد آية تشتمل على حكم مذكور فيها ثم ينسخ ذلك الحكم فلا يعلم الناس الحكم المنسوب من الكتاب فهذا يقتضي أن يكون هذا الحكم قد ذهب عن الأمة لأن مخالفيك يقولون ليس في الكتاب حكم قد خفي علينا في المعنى الذي اختلفنا فيه وإنما الكتاب في مثل ذلك ورد في نسخ السنة وتزعم أنت أنك لا تقف عليه ولا تعلمه ويجوز أن يكون هناك حكم قد خفي عليك فقد أداك هذا إلى خفاء الحكم عن الأمة بأسرها ولو جاز هذا ليجوز أن يقال إن في كتاب الله تعالى أحكاما كثيرة نحن متعبدون بها لم تقف الأمة على شئ منها وهذا قول ظاهر السقوط
(٣٣٠)