وكذلك قوله تعالى وإذا بدلنا آية مكان آية بأن ننسخها بوحي ليس بقرآن ثم ننزل أخرى مكانها وإن لم تكن ناسخة لها فلا يمكن القائل بما وصفنا الانفصال ممن نفى نسخ الكتاب إلا بالسنة ونسخ السنة إلا بالكتاب فإن قال قد اتفق أهل العلم على جواز نسخ الكتاب بالكتاب ونسخ السنة بالسنة قيل له الذين اتفقوا على ذلك هم الذين اتفقوا على جواز نسخ السنة بالكتاب فإن قال قائل الشافعي يخالف في ذلك قيل له من تقدم الشافعي قد أجازوا ذلك فكيف يكون الشافعي خلافا عليهم وهو لا يمكنه أن يحكي هذا القول عن أحد ممن تقدمه وقد حكينا نحن عن خلق من السلف جوازه فإن جاز أن يكون الشافعي خلافا على من تقدمه من أهل العلم جاز أن يكون هذا القائل الذي حكينا قوله وعارضنا به قول الشافعي خلافا علينا وعلى الشافعي جميعا ثم قال هذا القائل لم نر من خالف في هذا أورد آية نسخت عنده لسنة وقد وجدنا لها جملة في الكتاب نحو ما ادعوه من نسخ استقبال بيت المقدس واستحلال الخمر وتحريم المباشرة والأكل والشرب بعد النوم في ليالي الصوم فقد يكون استقبال بيت المقدس مأخوذا من جملة قوله تعالى أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده وشرب الخمر مأخوذ من قوله تعالى يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ومعلوم أن شربها لا يحل وفيه إثم وقد روي أنهم كانوا يشربونها بعد نزول هذه الآية ثم نزل قوله تعالى إنما الخمر والميسر الآية وتحريم ما يحل للمفطر في ليالي الصوم قد يكون مأخوذا من جملة قوله يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم أي على تلك الهيئة وكذلك ما أشبه هذه الآيات قد يمكن تخريجها على ذلك
(٣٢٦)