فأخبر صلى الله عليه وسلم أن جواز الاجتهاد مقصور على عدم النص المتوارث عن الصدر الأول ومن بعدهم من فقهاء سائر الأعصار إذا ابتلوا بحادثة طلب حكمها من النص ثم إذا عدموا النص فزعوا إلى الاجتهاد والقياس ولا يسوغون لأحد الاجتهاد واستعمال القياس مع النص ألا ترى إلى ما روي عن جماعة من الصحابة من أتاه منكم أمر ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله فليجتهد رأيه وكان عمر رضي الله عنه إذا نزل به نازلة من أمر الأحكام سأل الصحابة هل فيكم من يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها شيئا فإذا روي له فيها أثر قبله ولم يفتقر معه إلى مشاورة ولا اجتهاد فإذا عدم حكمها في الكتاب والسنة فزع إلى مشاورة الصحابة وإلى اجتهاد الرأي فيها وكذلك كان أمر سائر الصحابة والتابعين ومن بعدهم إنما كانوا يفزعون إلى النظر والاستدلال عند عدم النصوص ولم يحك عن أحد منهم مقابلة النص بالقياس ولا معارضته بالاجتهاد ومما يدل على صحة ما قلنا أن نص القرآن والسنة الثابتة من طريق التواتر يوجبان
(٣١٧)