كان نزل لكان السبيل قد جعل لهن قبل قوله خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا فلما أخبر أن السبيل المذكور في الآية مأخوذ عنه بما ذكر علم أن الآية لم تكن نزلت قبله فلما نزلت الآية بعده منفردة عن ذكر النفي والرجم وجب أن يكون حكمها مستعملا على حسب مقتضاها وموجبها فيكون الجلد المذكور فيها هو كمال الحد وتكون ناسخة للنفي والرجم المذكورين في الخبر حدا مع الجلد فإن قال قائل قد قلت فيما سلف إن النسخ إنما يصح على الوجه الذي يجوز ورود الأمر به في خطاب واحد وأن مالا يصح اجتماع ذكره مع المنسوخ في خطاب واحد لم يصح نسخه به والزيادة مع الأصل مما يصح وجوده معه في خطاب واحد قيل له ليس فيما ذكرنا إلى هاهنا من حكم أحكام الزيادة في النص نفي لما قلنا من اعتبار جواز النسخ في الأصل بل هما جميعا صحيحان وذلك لأنا قلنا إن ما لا يصح ورود التعبد به في حال واحدة حتى يكون مأمورا باعتقاد الحكم على وجه ومأمورا أيضا في تلك الحال باعتقاده على خلافه في ذلك الوقت الذي يلزمه تنفيذ الحكم لا يصح ورود النص به نحو ما ذكرنا في أن الآية إذا كانت موجبة لكون الحد جلد مائة فقد ألزمنا اعتقاد كونه حدا كاملا ولا يصح أن يقول فاعتقدوا في هذه الحال أيضا أن جلد المائة هو بعض الحد إذ غير جائز أن يكون هو بعض الحد وهو جميعه وكما لا يصح أن يقول عدة المتوفى عنها زوجها سنة وعدتها أيضا أربعة أشهر وعشرا فلا يصح الأمر باعتقاد كل واحدة من المدتين عدة كاملة في حال واحدة وأما ما قلنا في اعتبار جواز النسخ باجتماع ذكر الحكمين جميعا في خطاب واحد فهو صحيح لأن هناك أمرين مدة كل واحد منهما غير مدة الآخر نحو قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية
(٢٧٨)