وقد قال تعالى قبل ذلك سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأخبر أنهم قد كانوا على قبلة غيرها ثم حولوا إليها ونحو قوله تعالى إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين فكان هذا حكما ثابتا ثم قال الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيك ضعفا إلى آخر الآية فدل ذكره للتخفيف أنه وارد بعد حكم هو أثقل منه فصار ناسخا له ونحو قوله تعالى إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه إلى قوله تعالى فتاب عليكم يعني خفف عنكم وهذا بعد قوله تعالى قم الليل إلا قليلا ثم قال علم أن سيكون منكم مرضى إلى آخر السورة فاقتضت القصة بفحواها ومضمون خطابها أن فرض صلاة الليل منسوخ بما تضمنت من إباحة تركها وكقوله تعالى إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ثم قال تعالى فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وكقوله تعالى علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم يعني والله أعلم سهل عليكم وخفف عنكم فدل على نسخ حظر الأكل والشرب والجماع بعد النوم في ليالي رمضان فانتظمت هذه الآيات ذكر الناسخ والمنسوخ معا في خطاب واحد والسنة على وجهين قول من النبي عليه السلام وفعل وقد يقع النسخ بكل واحد منهما فأما النسخ بالسنة من جهة القول فنحو قول النبي عليه السلام كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها وكنت نهيتكم عن الأوعية فاشربوا ولا تسكروا وكنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فكلوا وادخروا فانتظم الخبر ذكر الناسخ والمنسوخ معا
(٢٨١)