ذلك من ألفاظ العموم وفيما يقتضي مستقبل الأوقات كقوله صوموا عاشوراء فيما يستقبل من السنين ونحو ذلك قوله لبني إسرائيل تمسكوا بتحريم السبت في مستقبل الزمان فيجب على من كان مخاطبا بها اعتقاد موجب لفظها وتجويز نسخها مع ذلك إذا وجد من وقت الفعل أدنى ما يتناوله لفظ الأمر لأن لفظ العموم لما كان عبارة عن ثلاثة فما فوقها وذكره بمستقبل الأوقات يصلح أن يكون عبارة عن قليل الأوقات وكثيرها لم يمتنع ورود النسخ فيه بأن يبين تارة أن حكم بعض المشركين إلى هذه الغاية وجوب قتلهم ومن الآن قبول الجزية منهم ويبين أن حكم بعض القاذفين إلى هذا الوقت الجلد ومن الآن اللعان وهم قاذفو يقول الزوجات ويبين أن صوم عاشوراء فرضه إلى وقت نزول الأمر بصوم شهر رمضان وأن تحريم السبت إلى الوقت الذي نسخه على لسان نبي آخر جاء بعده وسواء في ذلك فعل المأمور به أو لم يفعل فإن نسخه جائز عندنا وذلك لأنه إذا وقع التمكين من الفعل فقد لزمه فرضه وتفريطه فيه لا يمنع نسخه عنه كما يجوز أن يعلقه في الابتداء بوقت بعينه فإذا مضى الوقت قبل فعله سقط عنه الفرض وكما يجوز أن يشرط ذلك في الابتداء فتقول له إن فعلته عند وجود التمكين منه فذاك وإن تركته فأنت معاقب على تركه ولا فرض عليك بعده ويدل على ذلك أيضا أن ورود النسخ جائز وإن ترك بعض المأمورين ما أمر به في وقت لزومه ولولا أن ذلك كذلك لكان الرسول عليه السلام إذا أراد نسخ شئ سألهم هل ترك أحد منكم فعل المأمور به حتى يصح نسخه على قول المخالف ولو فعل ذلك لنقل فلما لم يسألهم عن ذلك في شئ مما نسخه بل قد روي عنه أنه نسخ أشياء كثيرة من غير بحث منه عن حال
(٢٤٦)