يسأل الله تعالى التخفيف عن أمته فتكون مسألته سببا للتخفيف كما قلنا في فرض السفر والإقامة أنه موقوف على اختيارنا للسفر أو الإقامة فيختلف الفرض باختلاف الحالين اللذين هما موقوفان على اختيارنا وقد بينا فيما سلف أن الفرض وكفارة اليمين أحد الأشياء الثلاثة لا جميعها وأن حكم المفروض فيها متعلق باختيار المكفر حتى يتعين به الحكم إذا فعله دون غيره وأما أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه فقد قيل فيه وجوه أحدها أنه إنما أمره بذبحه في وقت بعينه على شرط التمكين منه وارتفاع الموانع الحائلة بينه وبينه وقد بينا جواز ورود الأمر معقود ا بهذه الشريطة فلما عالج أسباب الذبح حيل بينه وبينه بضرب من المنع وقد قال بعض أهل العلم في التفسير ضرب الله تعالى على حلقه صفيحة نحاس فلم تعمل فيها الشفرة فقيل له بعد ذلك قد صدقت الرؤيا لأنه فعل ما أمكنه وبذل المجهود فيه ولم يكن عليه غيره وهذا التأويل غير مخالف لقوله تعالى إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى لأنه جائز أن يكون إنما رأى في المنام فعل أسباب الذبح ومعالجته وقد فعل وسماه ذبحا لأنه سبب يقع بمثله الذبح في العادة ما لم يحدث منع كما يسمى الشئ باسم غيره إذا كان مجاورا له أو كان منه بسبب فإن قال قائل فلا معنى إذن للفدية إذا لم يكن مأمورا بالذبح لعدم التمكين منه ولا يقع ما سمي فدية موقع الفدية لأن الفدية ما قام مقام الشئ
(٢٤٤)