مشايخنا (1) - رحمهم الله - في القضايا الكاذبة من التجزم على طبقها، وجعله مناطا لصيرورة القضايا مما يصح السكوت عليها، وأن العقد القلبي عليها يكون جعليا اختيارا.
وقال شيخنا العلامة - أعلى الله مقامه -: إن حاصل كلامه: أنه كما أن العلم قد يتحقق في النفس بوجود أسبابه، كذلك قد تخلق النفس حالة وصفة على نحو العلم حاكية عن الخارج، فإذا تحقق هذا المعنى في الكلام يصير جملة يصح السكوت عليها، لأن تلك الصفة الموجودة تحكي جزما عن تحقق النسبة في الخارج (2). انتهى.
فيرد عليه: أن العلم والجزم ليسا من الأمور الجعلية الاختيارية، فإنهما من الأمور التكوينية التي لا توجد في النفس إلا بعللها وبأسبابها التكوينية، فهل يمكن جعل الجزم في النفس بأن الواحد ليس نصف الاثنين بل هو نصف الثلاثة، وأن النقيضين يجتمعان ويرتفعان؟!
وأما الاخبارات الكاذبة إنما تكون بصورة الجزم، وليس في واحد منها حقيقة الجزم الجعلي بل إظهار الجزم، والمناط في صحة السكوت هو الاخبار الجزمي، أي الاخبار الذي بصورة الجزم، ولاربط للجزم القلبي في صحة السكوت وعدمه، ولهذا لو أظهر المتكلم ما هو مقطوع به بصورة الترديد لا تصير القضية مما يصح السكوت عليها.