واقعي، فإن الضرورة قاضية بأن القاطع المتجري هتاك لحرمة المولى، ومقدم على مخالفته، ومستحق للعقوبة، ولا فرق بينه وبين العاصي من هذه الجهة أصلا، لا لأن العلم تمام الموضوع، بل لأن التجري تمام الموضوع.
نعم لا يصدق عنوان التجري والعصيان إلا مع العلم، لا أنه تمام الموضوع أو جزؤه في حكم العقل بالقبح، فالعلم إنما هو محقق عنوان التجري والعصيان، وهما تمام الموضوع لحكم العقل باستحقاق العقوبة.
وبالجملة: المتجري والعاصي في نظر العقل سواء إلا في العقاب المجعول أو اللازم لارتكاب المحرم، والوجدان أصدق شاهد على ذلك، فإنك لو نهيت ولديك عن شرب الترياك، وجعلت للشارب مائة سوط، فشربا ما اعتقدا كونه ترياكا، فصادف أحدهما الواقع دون الآخر، صار المصادف عندك مستحقا للعقاب المجعول. وأما غيره وإن كان غير مستحق للعقاب المجعول، لكنه مستحق للتأديب والتعزير، لهتكه ولجرأته وكونه بصدد المخالفة، وكلاهما في السقوط عن نظرك والبعد عنك سواء. وهذا واضح، والمنكر مكابر لعقله.
مع أن أمر الجرأة على مولى الموالي والهتك لسيد السادات لا يقاس على ما ذكر، فإن الانقياد له والتجري عليه يصيران مبدأ الصور الملكوتية المستتبعة للدرجات والدركات، كما هو المقرر عند أهله (1).
وأما في الثاني: فلأن دعوى كون القبح الفعلي مما لا أثر له،