تشريعا في مورد تقيد العنان تكوينا لا محصل له. واما بصيغته الثانية حيث إن العلم الاجمالي ليس صالحا لتنجيز معلومه على كل تقدير لان التنجيز هو الدخول في العهدة عقلا والطرف غير المقدور لا يعقل دخوله في العهدة.
هذا كله فيما إذا كان أحد طرفي العلم الاجمالي غير مقدور، واما إذا كان خارجا عن محل الابتلاء فقد ذهب المشهور إلى عدم تنجيز العلم الاجمالي في هذه الحالة، واستندوا إلى أن الدخول في محل الابتلاء شرط في التكليف فلا علم اجمالي بالتكليف في الحالة المذكورة، فالعجز العقلي عن ارتكاب الطرف وخروجه عن محل الابتلاء يمنعان معا عن تنجيز العلم الاجمالي بملاك واحد عندهم، وقد عرفت أن التقريب المذكور غير صحيح في العجز العقلي فبطلانه في الخروج عن محل الابتلاء أوضح. بل الصحيح ان الدخول في محل الابتلاء ليس شرطا في التكليف بمعنى الزجر فضلا عن المبادئ، إذ ما دام الفعل ممكن الصدور من الفاعل المختار فالزجر عنه معقول.
فان قيل: ما فائدة هذا الزجر مع أن عدم صدوره مضمون لبعده وصعوبته. كان الجواب انه يكفي فائدة للزجر تمكين المكلف من التعبد بتركه، فالأفضل ان يفسر عدم تنجيز العلم الاجمالي مع خروج بعض أطرافه عن محل الابتلاء باختلال الركن الثالث لان أصل البراءة لا يجري في الطرف الخارج عن محل الابتلاء في نفسه، لان الأصل العملي تعيين للموقف العملي تجاه التزاحم بين الأغراض اللزومية والترخيصية، والعقلاء لا يرون تزاحما من هذا القبيل بالنسبة إلى الطرف الخارج عن محل الابتلاء، بل يرون الغرض اللزومي المحتمل مضمونا بحكم الخروج عن محل الابتلاء بدون تفريط بالغرض الترخيصي، فالأصل المؤمن في الطرف الآخر يجري بلا معارض