اما الصورة الأولى: فليس العلم الاجمالي منجزا فيها بلا ريب لانهدام الركن الثالث لان الأصل المؤمن عن وجوب وفاء الدين يجري ولا يعارضه الأصل المؤمن عن وجوب الحج، لان وجوب الحج يصبح معلوما بمجرد اجراء البراءة عن وجوب الوفاء فلا موضوع للأصل فيه.
فان قيل: هذا يتم بناء على انكار علية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية واستناد عدم جريان الأصل في بعض الأطراف إلى التعارض.. فما هو الموقف بناء على علية العلم الاجمالي واستحالة جريان الأصل المؤمن في بعض الأطراف ولو لم يكن له معارض؟.
والجواب: ان هذه الاستحالة انما هي باعتبار العلم الاجمالي، ويستحيل في المقام أن يكون العلم الاجمالي مانعا عن جريان الأصل المؤمن عن وجوب الوفاء، لأنه متوقف على عدم جريانه إذ بجريانه يحصل العلم التفصيلي بوجوب الحج وينحل العلم الاجمالي، وما يتوقف على عدم شئ يستحيل أن يكون مانعا عنه، فالأصل يجري إذن حتى على القول بالعلية.
واما الصورة الثانية: فيجري فيها أيضا الأصل المؤمن عن وجوب الوفاء ولا يعارض بالأصل المؤمن عن وجوب الحج، لان ذلك الأصل ينقح بالتعبد موضوع وجوب الحج فيعتبر أصلا سببيا بالنسبة إلى الأصل المؤمن عن وجوب الحج، والأصل السببي مقدم على الأصل المسببي.
وهكذا نعرف ان حكم الصورتين عمليا واحد ولكنهما يختلفان في أن الأصل في الصورة الأولى بجريانه في وجوب الوفاء يحقق موضوع وجوب الحج وجدانا ويوجب انحلال العلم الاجمالي بالعلم التفصيلي، ومن هنا كان وجود العلم الاجمالي متوقفا على عدم جريانه كما عرفت.
واما في الصورة الثانية: فلا يحقق ذلك لان وجوب الحج مترتب على عدم وجوب الوفاء واقعا وهو غير محرز وجدانا وانما يثبت تعبدا بالأصل دون ان ينشأ علم تفصيلي بوجوب الحج، ولهذا لا يكون جريان الأصل في