والصحيح ان الركن الأول والثالث كلاهما محفوظان في المقام.
اما الركن الأول فلان المقصود بالفعلية في قولنا (العلم الاجمالي بالتكليف الفعلي) ليس وجود التكليف في هذا الآن، بل وجوده فعلا في عمود الزمان احترازا عما إذا كان المعلوم جزء الموضوع للتكليف دون جزئه الآخر، فإنه في مثل ذلك لا علم بتكليف فعلي ولو في زمان، فالجامع بين تكليف في هذا الآن وتكليف يصبح فعليا في آن متأخر لا يقصر - عقلا - وصوله عن وصول الجامع بين تكليفين كلاهما في هذا الآن لان مولوية المولى لا تختص بهذا الآن كما هو واضح.
واما الركن الثالث بصيغته الأولى فلان الأصل المؤمن الذي يراد اجراؤه عن الطرف الفعلي بالأصل الجاري في الطرف الآخر المتأخر في ظرفه، إذ ليس التعارض بين أصلين من قبيل التضاد بين لونين يشترط في حصوله وحدة الزمان، بل مرده إلى العلم بعدم امكان شمول دليل الأصل لكل من الطرفين بالنحو المناسب له من الشمول زمانا، وحيث لا مرجح للاخذ بدليل الأصل في طرف دون طرف فيتعارض الأصلان.
واما الصيغة الثانية للركن الثالث: فلان المقصود من كون العلم الاجمالي صالحا لمنجزية معلومه على كل تقدير كونه صالحا لذلك ولو على امتداد الزمان لا في خصوص هذا الآن.
وهكذا يتضح ان الشبهات التي حامت حول تنجيز العلم الاجمالي في التدريجيات موهونة جدا غير أن جماعة من الأصوليين وقعوا تحت تأثيرها، فذهب بعضهم إلى عدم التنجيز ورخص في ارتكاب الطرف الفعلي ما دام الطرف الآخر متأخرا، وذهب البعض الآخر إلى عدم الترخيص بابراز علم إجمالي بالجامع بين طرفين فعليين، كالمحقق العراقي إذ أجاب على شبهات عدم التنجيز بوجود علم اجمالي آخر غير تدريجي الأطراف.
وتوضيحه ان التكليف إذا كان في القطعة الزمانية المعاصرة فهو تكليف فعلي وإذا كان في قطعة زمانية متأخرة فوجوب حفظ القدرة إلى حين مجئ ظرفه