الأطراف ثبوتا وعدمه، ومن الواضح انه على مسلكنا القائل بامكان جريان الأصول في جميع الأطراف، لا مجال لهذا البحث إذ لا معنى لافتراض محذور ثبوتي في جريانها في بعض الأطراف.
واما على مسلك القائلين باستحالة جريان الأصول في جميع الأطراف فكذلك ينبغي ان نستثني من هذا البحث القائلين بان العلم الاجمالي لا يستدعي وجوب الموافقة القطعية مباشرة، فإنه على قولهم هذا لا ينبغي ان يتوهم امتناع جريان الأصل المؤمن في بعض الأطراف إذ يكون من الواضح عدم منافاته للعلم الاجمالي، واما القائلون بان العلم الاجمالي يستدعي بذاته وجوب الموافقة القطعية فيصح البحث على أساس قولهم، لان جريان الأصل المؤمن في بعض الأطراف يرخص في ترك الموافقة القطعية فلا بد من النظر في امكان ذلك وامتناعه، ومرد البحث في ذلك إلى النزاع في أن العلم الاجمالي هل يستدعي عقلا وجوب الموافقة القطعية استدعاء منجزا على نحو استدعاء العلة لمعلولها أو استدعاء معلقا على عدم ورود الترخيص الشرعي على نحو استدعاء المقتضي لما يقتضيه فان فعليته منوطة بعدم وجود المانع. فعلى الأول يستحيل اجراء الأصل المؤمن في بعض الأطراف لأنه ينافي حكم العقل الثابت بوجوب الموافقة القطعية، وعلى الثاني يمكن اجراؤه إذ يكون الأصل مانعا عن فعلية حكم العقل ورافعا لموضوعه.
وعلى هذا الأساس وجد اتجاهان بين القائلين باستدعاء العلم بالاجمالي لوجوب الموافقة القطعية: أحدهما: القول بالاستدعاء على نحو العلية وذهب إليه جماعة منهم المحقق العراقي. والآخر: القول بالاستدعاء على نحو الاقتضاء وذهب إليه جماعة منهم المحقق النائيني على ما هو المنقول عنه في فوائد الأصول.
وقد ذكر المحقق العراقي (رحمه الله) في تقريب العلية: انه لا شك في كون العلم منجزا لمعلومه على نحو العلية فإذا ضممنا إلى ذلك أن