العقل بحسن الاحتياط واستحقاق الثواب عليه فإنه محرك بمرتبة غير الزامية.
الثاني: - ان حسن الاحتياط كحسن الطاعة وقبح المعصية واقع في مرحلة متأخرة عن الحكم الشرعي وقد تقدم المسلك القائل بان الحسن والقبح الواقعين في هذه المرحلة لا يستتبعان حكما شرعيا.
وكلا الوجهين غير صحيح.
اما الأول: - فلان الاستحباب المولوي للاحتياط اما أن يكون نفسيا لملاك وراء ملاكات الاحكام المحتاط بلحاظها واما أن يكون طريقيا بملاك التحفظ على تلك الأحكام. وعلى كلا التقديرين لا لغوية اما على النفسية فلان محركيته مغايرة سنخا لمحركية الواقع المشكوك فتتأكد إحداهما بالأخرى، واما على الطريقية فلان مرجعه حينئذ إلى ابراز مرتبة من اهتمام المولى بالتحفظ على الملاكات الواقعية في مقابل ابراز نفي هذه المرتبة من الاهتمام أيضا، ومن الواضح ان درجة محركية الواقع المشكوك تابعة لما يحتمل أو يحرز من مراتب اهتمام المولى به.
واما الوجه الثاني: - فلو سلم المسلك المشار إليه فيه لا ينفع في المقام، إذ ليس المقصود استكشاف الاستحباب الشرعي بقانون الملازمة واستتباع الحسن العقلي للطلب الشرعي ليرد ما قيل، بل هو ثابت بدليله وانما الكلام عن المحذور المانع عن ثبوته ولهذا فان متعلق الاستحباب عبارة عن تجنب مخالفة الواقع المشكوك ولو لم يكن بقصد قربي والعقل انما يستقل بحسن التجنب الانقيادي والقربى خاصة.
النقطة الثانية: ان الاحتياط متى ما أمكن فهو مستحب كما عرفت ولكن قد يقع البحث في امكانه في بعض الموارد. وتوضيح ذلك: انه إذا احتمل كون فعل ما واجبا عباديا فان كانت أصل مطلوبيته معلومة أمكن الاحتياط بالاتيان به بقصد الامر المعلوم تعلقه به وإن لم يعلم كونه وجوبا