دائرة البدائل الممكن امتثال التكليف المعلوم ضمنها.
وعلى هذا الضوء يعرف أن لجريان البراءة اذن ميزانان:
أحدهما: أن يكون المشكوك من قيود التكليف الدخيلة في فعليته.
والآخر: أن يكون اطلاق التكليف بالنسبة إليه شموليا لا بدليا.
فان قيل: إن مرد الشك في الموضوع الخارجي إلى الشك في قيد التكليف لان الموضوع قيد فيه فحرمة شرب الخمر مقيدة بوجود الخمر خارجا فمع الشك في خمرية المائع يشك في فعلية التكليف المقيد وتجري البراءة وبهذا يمكن الاقتصار على الميزان الأول فقط كما يظهر من كلمات المحقق النائيني (قدس الله روحه).
كان الجواب: انه ليس من الضروري دائما أن يكون متعلق المتعلق مأخوذا قيدا في التكليف سواء كان ايجابا أو تحريما وانما قد تتفق ضرورة ذلك فيما إذا كان امرا غير اختياري كالقبلة مثلا، وعليه فإذا افترضنا ان حرمة شرب الخمر لم يؤخذ وجود الخمر خارجا قيدا فيها على نحو كانت الحرمة فعلية حتى قبل وجود الخمر خارجا. صح مع ذلك اجراء البراءة عند الشك في الموضوع الخارجي لان اطلاق التكليف بالنسبة إلى المشكوك شمولي.
ولكن بتدقيق أعمق نستطيع ان نرد الشك في خمرية المائع إلى الشك في قيد التكليف لا عن طريق افتراض تقيد الحرمة بوجود الخمر خارجا، بل بتقريب: ان خطاب (لا تشرب الخمر) مرجعه إلى قضية شرطية مفادها: كلما كان مائع ما خمرا فلا تشربه، فحرمة الشرب مقيدة بان يكون المائع خمرا سواء وجد خارجا أو لا، فإذا شك في أن الفقاع خمر أولا مثلا جرت البراءة عن الحرمة فيه، وبهذا صح القول بان البراءة تجري كلما كان الشك في قيود التكليف وان قيود التكليف تارة تكون على وزان مفاد كان التامة بمعنى اناطته بوجود شئ خارجا فيكون الوجود الخارجي قيدا،