وتترتب بعض الثمرات على هذه الاحتمالات الثلاثة، فعلى الأول يكون المقدر غير معلوم ولا بد من الاقتصار فيه على القدر المتيقن من الآثار، خلافا للآخرين إذ يتمسك بناء عليهما باطلاق الرفع لنفي تمام الآثار، كما أنه على الثالث قد يستشكل في شمول حديث الرفع لما إذا اضطر إلى الترك مثلا لان نفي الترك خارجا عبارة عن وضع الفعل وحديث الرفع يتكفل الرفع لا الوضع، وخلافا لذلك ما إذا أخذنا بالاحتمال الثاني إذ لا محذور حينئذ في تطبيق الحديث على الترك المضطر إليه لان المرفوع ثبوته التشريعي فيما إذا كان موضوعا أو متعلقا لحكم، ورفع هذا النحو من ثبوته ليس عبارة عن وضع الفعل إذ ليس معناه الا عدم كونه موضوعا أو متعلقا للحكم وهذا لا يعني جعل الفعل موضوعا كما هو واضح.
وعلى اي حال فحديث الرفع يدل على أن الانسان إذا شرب المسكر اضطرارا أو اكره على ذلك فلا حرمة ولا وجوب للحد، كما أنه إذا اكره على معاملة فلا يترتب عليها مضمونها نعم يختص الرفع بما إذا كان في الرفع امتنان على العباد لان الحديث مسوق مساق الامتنان، ومن أجل ذلك لا يمكن تطبيق الحديث على البيع المضطر إليه لابطاله لان ابطاله يعين ايقاع المضطر في المحذور وهو خلاف الامتنان، بخلاف تطبيقه على البيع المكره عليه فان ابطاله يعني تعجيز المكره عن التوصل إلى غرضه بالاكراه.
المرحلة الثانية: في فقرة الاستدلال وهي رفع ما لا يعلمون، وكيفية الاستدلال بها. وتوضيح الحال في ذلك: ان الرفع هنا اما واقعي واما ظاهري، وقد يقال: ان الاستدلال على المطلوب تام على التقديرين لان المطلوب اثبات اطلاق العنان وايجاد معارض لدليل وجوب الاحتياط لو تم وكلا الامرين يحصل باثبات الرفع الواقعي أيضا كما يحصل بالظاهري.
ولكن الصحيح عدم اطراد المطلوب على تقدير حمل الرفع على الواقعي إذ كثيرا ما يتفق العلم أو قيام دليل على عدم اختصاص التكليف المشكوك على تقدير ثبوته بالعالم ففي مثل ذلك يجب الالتزام بتخصيص حديث الرفع مع الحمل على الواقعية خلافا لما إذا حمل على الرفع الظاهري. نعم يكفي