ولكن يرد على الاستدلال بالآية الكريمة ما تقدم في الحلقة السابقة من أن الرسول انما يمكن اخذه كمثال لصدور البيان من الشارع لا للوصول الفعلي فلا تنطبق الآية في موارد صدوره وعدم وصوله. ثم إن البراءة إذا استفيدت من هذه الآية فهي براءة منوطة بعدم قيام دليل على وجوب الاحتياط لان هذا الدليل بمثابة الرسول أيضا.
ومنها: قوله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم) (١) إذ دل على أن عدم الوجدان كاف في اطلاق العنان. ويرد عليه:
أولا: ان عدم وجدان النبي فيما أوحي إليه يساوق عدم الحرمة واقعا.
وثانيا: - انه إن لم يساوق عدم الحرمة واقعا فعلى الأقل يساوق عدم صدور بيان من الشارع إذ لا يحتمل صدوره واختفاؤه على النبي، وأين هذا من عدم الوصول الناشئ من احتمال اختفاء البيان.
وثالثا: - ان اطلاق العنان كما قد يكون بلحاظ أصل عملي قد يكون بلحاظ عمومات الحل التي لا يرفع اليد عنها الا بمخصص واصل.
ومنها: قوله تعالى: ﴿وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شئ عليم﴾ (2).
وتقريب الاستدلال كما تقدم في الحلقة السابقة، وما يتقي ان أريد به ما يتقى بعنوانه انحصر بالمخالفة الواقعية للمولى فتكون البراءة المستفادة من