الموردية لا السببية لان هذا هو المناسب بلحاظ الفعل والمال أيضا فالاستدلال بالآية جيد.
وبالنسبة إلى مدى الشمول فيها لا شك في شمولها للشبهات الوجوبية والتحريمية معا بل للشبهات الحكمية والموضوعية معا لان الايتاء ليس بمعنى إيتاء الشارع بما هو شارع ليختص بالشبهات الحكمية بل بمعنى الايتاء التكويني لأنه المناسب للمال وللفعل. كما أن الظاهر عدم الاطلاق في الآية لحالة عدم الفحص لان إيتاء التكليف تكفي فيه عرفا مرتبة من الوصول وهي الوصول إلى مظان العثور بالفحص.
ومنها: قوله سبحانه وتعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) (1) وتقريب الاستدلال واضح بعد حمل كلمة رسول على المثال للبيان. وقد يعترض على ذلك تارة بأن الآية الكريمة إنما تنفي العقاب لا استحقاقه وهذا لا ينافي تنجز التكليف المشكوك إذ لعله من باب العفو.
وأخرى بأنها ناظرة إلى العقاب الرباني في الدنيا للأمم السالفة وهذا غير محل البحث.
والجواب على الأول: ان ظاهر النفي في الآية انه هو الطريقة العامة للشارع التي لا يناسبه غيرها كما يظهر من مراجعة أمثال هذا التركيب عرفا وهذا معناه عدم الاستحقاق، ومنه يظهر الجواب على الاعتراض الثاني لان النكتة مشتركة مضافا إلى منع نظر الآية إلى العقوبات الدنيوية بل سياقها سياق استعراض عدة قوانين للجزاء الأخروي إذ وردت في سياق (لا تزر وازرة وزر أخرى) فان هذا شأن عقوبات الله في الآخرة لا في الدنيا، ولا منشأ لدعوى النظر المذكور الا ورود التعبير بصيغة الماضي في قوله (وما كنا) وهذا بنكتة إفادة الشأنية والمناسبة ولا يتعين أن يكون بلحاظ النظر إلى الزمان الماضي خاصة.