الجزء الآخر - وهو الملاقاة في المثال - معلوما أيضا. فلا شك لكي يجري الاستصحاب، ولهذا لا بد ان يفرض الجهل بكلا الزمانين، أو بزمان ارتفاع الجزء المراد استصحابه خاصة، أو بزمان تواجد الجزء الآخر خاصة، فهذه ثلاث صور وقد اختلف المحققون في حكمها فذهب جماعة من المحققين منهم السيد الأستاذ إلى جريان الاستصحاب في الصور الثلاث، وإذا وجد له معارض سقط بالمعارضة. وذهب بعض المحققين إلى جريان الاستصحاب في صورتين وهما: صورة الجهل بالزمانين أو الجهل بزمان ارتفاع الجزء المراد استصحابه، وعدم جريانه في صورة العلم بزمان الارتفاع. وذهب صاحب الكفاية إلى جريان الاستصحاب في صورة واحدة وهي صورة الجهل بزمان الارتفاع مع العلم بزمان تواجد الجزء الآخر، واما في صورتي الجهل بكلا الزمانين أو العلم بزمان الارتفاع فلا يجري الاستصحاب. فهذه أقوال ثلاثة:
اما القول الأول: فقد علله أصحابه بما أشرنا إليه آنفا من أن بقاء الجزء المراد استصحابه إلى زمان تواجد الجزء الآخر مشكوك حتى لو لم يكن هناك شك في بقائه إذا لوحظت قطعات الزمان بما هي، كما إذا كان زمان الارتفاع معلوما، ويكفي في جريان الاستصحاب تحقق الشك في البقاء بلحاظ الزمان النسبي لان الأثر الشرعي مترتب على وجوده في زمان وجود الجزء الآخر لا على وجوده في ساعة كذا بعنوانها.
ونلاحظ على هذا القول ان زمان ارتفاع عدم الكرية في المثال إذا كان معلوما فلا يمكن ان يجري استصحاب عدم الكرية إلى زمان الملاقاة، لان الحكم الشرعي اما أن يكون مترتبا على عدم الكرية في زمان الملاقاة بما هو زمان الملاقاة، أو على عدم الكرية في واقع زمان الملاقاة، بمعنى ان كلا الجزئين لوحظا في زمان واحد دون ان يقيد أحدهما بزمان الآخر بعنوانه، فعلى الأول لا يجري استصحاب بقاء الجزء في جميع الصور، لأنه يفترض تقيده بزمان الجزء الآخر بهذا العنوان، وهذا التقيد لا يثبت