الموضوع تارة يكون مركبا من العرض ومحله كالانسان العادل، وأخرى مركبا من عدم العرض ومحله كعدم القرشية والمرأة، وثالثة مركبا على نحو آخر كالعرضين لمحل واحد مثل الاجتهاد والعدالة في المفتي، أو العرضين لمحلين كموت الأب واسلام الابن. ففي الحالة الأولى يكون التقيد مأخوذا، لان العرض يلحظ بما هو وصف لمحله ومعروضه وحالة قائمة به، فالاستصحاب يجري في نفس التقيد إذا كان له حالة سابقة. وفي الحالة الثانية يكون تقيد المحل بعدم العرض مأخوذا في الموضوع، لان عدم العرض إذا أخذ مع موضوع ذلك العرض لوحظ بما هو نعت ووصف له وهو ما يسمى بالعدم النعتي تمييزا له عن العدم المحمولي الذي يلاحظ فيه العدم بما هو، ويترتب على ذلك أن الاستصحاب انما يجري في نفس التقيد والعدم النعتي لأنه الدخيل في موضوع الحكم، فإذا لم يكن العدم النعتي واجدا لركني اليقين والشك وكان الركنان متوفرين في العدم المحمولي لم يجر استصحابه، لان العدم المحمولي لا اثر شرعي له بحسب الفرض.
ومن هنا ذهب المحقق النائيني إلى عدم جريان استصحاب عدم العرض المتيقن قبل وجود الموضوع - ويسمى باستصحاب العدم الأزلي - فإذا شك في نسب المرأة وقرشيتها لم يجر استصحاب عدم قرشيتها الثابت قبل وجودها، لان هذا عدم محمولي وليس عدما نعتيا إذ أن العدم النعتي وصف والوصف لا يثبت الا عند ثبوت الموصوف، فإذا أريد اجراء استصحاب العدم المحمولي لترتيب الحكم عليه مباشرة فهو متعذر لان الحكم مترتب بحسب الفرض على العدم النعتي لا المحمولي، وإذا أريد بذلك اثبات العدم النعتي لان استمرار العدم المحمولي بعد وجود المرأة ملازم للعدم النعتي، فهذا أصل مثبت.
وأما في الحالة الثالثة: فلا موجب لافتراض اخذ التقيد واتصاف أحد جزئي الموضوع بالآخر، لان أحدهما ليس محلا وموضوعا للآخر بل بالامكان ان يفرض ترتب الحكم على ذات الجزئين، وفي مثل ذلك يجري استصحاب الجزء لتوفر الشرط الأول.