تحمل الحديث وحفظه من أهم المستحبات، بل من الواجبات الكفائية لتوقف حفظ الشريعة عليه، ولا يلزم من ذلك وجوب القبول تعبدا مع الشك. ومثل ذلك ما دل على الثناء المحدثين، أو الامر بحفظ الكتب، والترغيب في الكتابة.
الطائفة الثالثة: ما دل على الامر بنقل بعض النكات، والمضامين من قبيل قول أبي عبد الله (ع) " يا ابان إذا قدمت الكوفة فارو هذا الحديث... " والصحيح ان الامر بالنقل يكفي في وجاهته احتمال تمامية الحجة بذلك بحصول الوثوق لدى السامعين، ولا يتوقف على افتراض الحجية التعبدية.
الطائفة الرابعة: ما دل على أن انتفاع السامع بالرواية قد يكون أكثر من انتفاع الراوي من قبيل قولهم " فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ".
ونلاحظ ان هذه الطائفة ليست في مقام بيان ان النقل يثبت المنقول للسامع تعبدا وإلا لكان الناقل دائما من هذه الناحية أفضل حالا من السامع لان الثبوت لديه وجداني بل هي بعد افتراض ثبوت المنقول تريد أن توضح ان المهم ليس حفظ الألفاظ، بل ادراك المعاني واستيعابها. وفي ذلك قد يتفوق السامع على الناقل.
الطائفة الخامسة: ما دل على ذم الكذب عليهم، والتحذير من الكذابين عليهم فإنه لو لم يكن خبر الواحد مقبولا لما كان هناك اثر للكذب ليستحق التحذير.
والصحيح ان الكذب كثيرا ما يوجب اقتناع السامع خطأ، وإذا افترض في مجال العقائد وأصول الدين، كفى في خطره مجرد ايجاد الاحتمال والظن. فاهتمام الأئمة بالتحذير من الكاذب لا يتوقف على افتراض الحجية التعبدية.