الاستيعاب، فهي انما تدل عليه بما هو نسبة، وسيأتي تصوير ذلك أن شاء الله تعالى.
ثم إن العموم ينقسم إلى الاستغراقي والبدلي والمجموعي لان الاستيعاب لكل افراد المفهوم يعني مجموعة تطبيقاته على افراده، وهذه التطبيقات تارة تلحظ عرضية، وأخرى تبادلية، فالثاني هو البدلي، والأول ان لوحظت فيه عناية وحدة تلك التطبيقات، فهو المجموعي والا فهو عموم استغراقي.
وقد يقال ان انقسام العموم إلى هذه الأقسام انما هو في مرحلة تعلق الحكم به، لان الحكم ان كان متكثرا بتكثر الافراد فهو استغراقي، وان كان واحدا ويكتفي في امتثاله بأي فرد من الافراد فهو بدلي، وان كان يقتضى الجمع بين الافراد فهو مجموعي.
ولكن الصحيح ان هذا الانقسام يمكن افتراضه بقطع النظر عن ورود الحكم لوضوح الفرق بين التصورات التي تعطيها كلمات من قبيل جميع العلماء، واحد العلماء، ومجموع العلماء، حتى لو لوحظت بما هي كلمات مفردة وبدون افتراض حكم، فالاستغراقية والبدلية والمجموعية تعبر عن ثلاث صور ذهنية للعموم ينسجها ذهن المتكلم وفقا لغرضه، توطئة لجعل الحكم المناسب عليها.
نحو دلالة أدوات العموم:
لا شك في وجود أدوات تدل على العموم بالوضع، ككلمة كل وجميع ونحوهما من الألفاظ الخاصة بإفادة الاستيعاب، غير أن النقطة الجديرة بالبحث فيها وفي كل ما يثبت انه من أدوات العموم هي ان اسراء الحكم إلى تمام افراد مدخول الأداة - اي (عالم) مثلا في قولنا (أكرم كل عالم) - هل يتوقف على اجراء الاطلاق وقرينة الحكمة في المدخول أو ان دخول أداة العموم على الكلمة ينفيها عن قرينة الحكمة وتتولى الأداة نفسها