الحكم الواقعي والظاهري:
ينقسم الحكم الشرعي، كما عرفنا سابقا إلى واقعي لم يؤخذ في موضوعه الشك، وظاهري اخذ في موضوعه الشك في حكم شرعي مسبق. وقد كنا نقصد حتى الآن في حديثنا عن الحكم الأحكام الواقعية.
وقد مر بنا في الحلقة السابقة ان مرحلة الثبوت للحكم - الحكم الواقعي - تشتمل على ثلاثة عناصر: وهي الملاك والإرادة والاعتبار، وقلنا إن الاعتبار ليس عنصرا ضروريا، بل يستخدم غالبا كعمل تنظيمي وصياغي. ونريد ان نشير الآن إلى حقيقة العنصر الثالث الذي يقوم الاعتبار بدور التعبير عنه غالبا، وتوضيحه ان المولى كما أن له حق الطاعة على المكلف فيما يريده منه، كذلك له حق تحديد مركز حق الطاعة في حالات ارادته شيئا من المكلف، فليس ضروريا إذا تم الملاك في شئ واراده المولى ان يجعل نفس ذلك الشئ في عهدة المكلف مصبا لحق الطاعة، بل يمكنه ان يجعل مقدمة ذلك الشئ التي يعلم المولى بأنها مؤدية إليه، في عهدة المكلف دون نفس الشئ، فيكون حق الطاعة منصبا على المقدمة ابتداء، وان كان الشوق المولوي غير متعلق بها الا تبعا، وهذا يعنى ان حق الطاعة ينصب على ما يحدده المولى عند ارادته لشئ مصبا له ويدخله في عهدة المكلف، والاعتبار هو الذي يستخدم عادة للكشف عن المصب الذي عينه المولى لحق الطاعة، فقد يتحد مع مصب ارادته وقد يتغاير.
واما الأحكام الظاهرية فهي مثار لبحث واسع، وجهت فيه عدة اعتراضات للحكم الظاهري، تبرهن على استحالة جعله عقلا، ويمكن تلخيص هذه البراهين فيما يلي:
1 - ان جعل الحكم الظاهري يؤدي إلى اجتماع الضدين أو المثلين، لان الحكم الواقعي ثابت في فرض الشك بحكم قاعدة الاشتراك