التقييد بعدم المانع الشرعي:
قلنا إن القانون المتبع في حالات التزاحم هو قانون ترجيح الأهم ملاكا، ولكن هذا فيما إذا لم يفرض تقييد زائد على ما استقل به العقل من اشتراط، فقد عرفنا ان العقل يستقل باشتراط مفاد كل من الدليلين بالقدرة التكوينية بالمعنى الأعم فإذا فرضنا ان مفاد أحدهما كان مشروطا من قبل الشارع، إضافة إلى ذلك بعدم المانع الشرعي، اي بعدم وجود حكم على الخلاف دون الدليل الآخر قدم الآخر عليه، ولم ينظر إلى الأهمية في الملاك ومثاله وجوب الوفاء بالشرط إذا تزاحم مع وجوب الحج، كما إذا اشترط على الشخص ان يزور الحسين (ع) في عرفة كل سنة، واستطاع بعد ذلك فان وجوب الوفاء بالشرط مقيد في دليله بان لا يكون هناك حكم على خلافه بلسان (ان شرط الله قبل شرطكم). واما دليل وجوب الحج فلم يقيد بذلك فيقدم وجوب الحج، ولا ينظر إلى الأهمية، اما الأول فلانه ينفي بنفسه موضوع الوجوب الآخر لان وجوب الحج ذاته - وبقطع النظر عن امتثاله - مانع شرعي عن الاتيان بمتعلق الآخر فهو حكم على الخلاف، والمفروض اشتراط وجوب الوفاء بعدم ذلك فلا موضوع لوجوب الوفاء مع فعلية وجوب الحج.
واما الثاني فلان أهمية أحد الوجوبين ملاكا، انما تؤثر في التقديم في حالة وجود هذا الملاك الأهم، فإذا كان مفاد أحد الدليلين مشروطا بعدم المانع الشرعي دل ذلك على أن مفاده حكما وملاكا، لا يثبت مع وجود المانع الشرعي. وحيث إن مفاد الآخر مانع شرعي فلا فعلية للأول حكما ولا ملاكا مع فعلية مفاد الآخر. وفي هذه الحالة لا معنى لاخذ أهمية ملاك الأول بعين الاعتبار.
وقد يطلق على الحكم المقيد بالتقييد الزائد المفروض انه مشروط