بوصفه منجزا ومعذرا، فلا شك في قيام الامارة المعتبرة شرعا مقامه، لأنها تكتسب من دليل الحجية صفة المنجزية والمعذرية فتكون فردا من الموضوع، ويعتبر دليل الحجية في هذه الحالة واردا على دليل ذلك الحكم الشرعي المرتب على القطع لأنه يحقق مصداقا حقيقيا لموضوعه.
واما إذا كان القطع مأخوذا بما هو كاشف تام، فلا يكفي مجرد اكتساب الامارة صفة المنجزية والمعذرية من دليل الحجية لقيامها مقام القطع الموضوعي، فلا بد من عناية إضافية في دليل الحجية، وقد التزم المحقق النائيني قدس سره بوجود هذه العناية بناء على ما تبناه من مسلك جعل الطريقية فهو يقول: إن مفاد دليل الحجية جعل الامارة علما، وبهذا يكون حاكما على دليل الحكم الشرعي المرتب على القطع لأنه يوجد فردا جعليا وتعبديا لموضوعه فيسري حكمه إليه.
غير انك عرفت في بحث التعارض من الحلقة السابقة ان الدليل الحاكم انما يكون حاكما إذا كان ناظرا إلى الدليل المحكوم، ودليل الحجية لم يثبت كونه ناظرا إلى احكام القطع الموضوعي، وانما المعلوم فيه نظره إلى تنجيز الأحكام الواقعية المشكوكة خاصة إذا كان دليل الحجية للامارة هو السيرة العقلائية، إذ لا انتشار للقطع الموضوعي في حياة العقلاء لكي تكون سيرتهم على حجية الامارة ناظرة إلى القطع الموضوعي والطريقي معا.
اثبات الامارة لجواز الاسناد:
يحرم اسناد ما لم يصدر من الشارع إليه لأنه كذب ويحرم أيضا اسناد ما لا يعلم صدوره منه إليه وان كان صادرا في الواقع، وهذا يعني ان القطع بصدور الحكم من الشارع طريق لنفي موضوع الحرمة الأولى فهو قطع طريقي وموضوع لنفي الحرمة الثانية، فهو من هذه الناحية قطع موضوعي وعليه فإذا كان الدليل قطعيا انتفت كلتا الحرمتين لحصول