تقدم من أن هذا المسلك المختار يقتضى انكار قاعدة قبح العقاب بلا بيان رأسا.
وقد تلخص مما تقدم ان جعل الأحكام الظاهرية ممكن.
الامارات والأصول:
تنقسم الأحكام الظاهرية إلى قسمين:
أحدهما: الأحكام الظاهرية التي تجعل لاحراز الواقع، وهذه الاحكام تتطلب وجود طريق ظني له درجة كشف عن الحكم الشرعي، ويتولى الشارع الحكم على طبقه بنحو يلزم على المكلف التصرف بموجبه، ويسمى لطريق بالامارة، ويسمى الحكم الظاهري بالحجية من قبيل حجية خبر الثقة.
والقسم الآخر: الأحكام الظاهرية التي تجعل لتقرير الوظيفة العملية تجاه الحكم المشكوك، ولا يراد بها احرازه، وتسمى بالأصول العملية.
ويبدو من مدرسة المحقق النائيني قدس سره، التمييز بين هذين القسمين على أساس ما هو المجعول الاعتباري في الحكم الظاهري، فإن كان المجعول هو الطريقية والكاشفية دخل المورد في الامارات، وإذا لم يكن المجعول ذلك وكان الجعل في الحكم الظاهري متجها إلى انشاء الوظيفة العملية دخل في نطاق الأصول، وفي هذه الحالة إذا كان انشاء الوظيفة العملية بلسان تنزيل مؤدى الأصل منزلة الواقع في الجانب العملي، أو تنزيل نفس الأصل أو الاحتمال المقوم له منزلة اليقين في جانبه العملي لا الاحرازي. فالأصل تنزيلي أو أصل محرز، وإذا كان بلسان تسجيل وظيفة عملية محددة بدون ذلك، فالأصل أصل عملي صرف.
وهذا يعنى ان الفرق بين الامارات والأصول ينشأ من كيفية صياغة الحكم الظاهري في عالم الجعل والاعتبار.