من الأمور الانتزاعية الواقعية، وان كان وعاء واقعها هو عالم جعل الوجوب، فلا فرق بينها وبين جزئية الجزء للمركبات الخارجية من حيث كونها امرا انتزاعيا واقعيا، وان اختلفت الجزئيتان في وعاء الواقع ومنشأ الانتزاع، وما دامت الجزئية امرا واقعيا، فلا يمكن ايجادها بالجعل التشريعي والاعتبار.
واما القسم الأول فمقتضى وقوعه موضوعا للأحكام التكليفية عقلائيا وشرعا، هو كونه مجعولا بالاستقلال لا منتزعا عن الحكم التكليفي، لان موضوعيته للحكم التكليفي تقتضي سبقه عليه رتبة مع أن انتزاعه يقتضي تأخره عنه.
وقد تثار شبهة لنفي الجعل الاستقلالي لهذا القسم أيضا بدعوى أنه لغو، لأنه بدون جعل الحكم التكليفي المقصود لا أثر له، ومعه لا حاجة إلى الحكم الوضعي، بل يمكن جعل الحكم التكليفي ابتداء على نفس الموضوع الذي يفترض جعل الحكم الوضعي عليه.
والجواب على هذه الشبهة ان الأحكام الوضعية التي تعود إلى القسم الأول اعتبارات ذات جذور عقلائية، الغرض من جعلها تنظيم الأحكام التكليفية ، وتسهيل صياغتها التشريعية فلا تكون لغوا.
شمول الحكم للعالم والجاهل:
وأحكام الشريعة تكليفية ووضعية تشمل في الغالب العالم بالحكم، والجاهل على السواء، ولا تختص بالعالم، وقد ادعي ان الاخبار الدالة على ذلك مستفيضة، ويكفي دليلا على ذلك اطلاقات أدلة تلك الأحكام، ولهذا أصبحت قاعدة اشتراك الحكم الشرعي بين العالم والجاهل موردا للقبول على وجه العموم بين أصحابنا، الا إذا دل دليل خاص على خلاف ذلك في مورد.