وفاء الدليل بدور القطع الطريقي والموضوعي:
إذا كان الدليل قطعيا فلا شك في وفائه بدور القطع الطريقي والموضوعي معا، لأنه يحقق القطع حقيقة.
واما إذا لم يكن الدليل قطعيا، وكان حجة بحكم الشارع، فهناك بحثان: الأول: بحث نظري في تصوير قيامه مقام القطع الطريقي مع الاتفاق عمليا على قيامه مقامه في المنجزية والمعذرية.
والثاني: بحث واقعي في أن دليل حجية الامارة هل يستفاد منه قيامها مقام القطع الموضوعي أو لا؟
اما البحث الأول فقد يستشكل تارة في امكان قيام غير القطع مقام القطع في المنجزية والمعذرية بدعوى أنه على خلاف قاعدة قبح العقاب بلا بيان. ويستشكل أخرى في كيفية صياغة ذلك تشريعا، وما هو الحكم الذي يحقق ذلك.
اما الاستشكال الأول فجوابه:
أولا: اننا ننكر قاعدة قبح العقاب بلا بيان رأسا.
وثانيا: انه لو سلمنا بالقاعدة فهي مختصة بالاحكام المشكوكة التي لا يعلم بأهميتها على تقدير ثبوتها، واما المشكوك الذي يعلم بأنه على تقدير ثبوته مما يهتم المولى بحفظه ولا يرضى بتضييعه فليس مشمولا للقاعدة من أول الامر، والخطاب الظاهري - أي خطاب ظاهري - يبرز اهتمام المولى بالتكاليف الواقعية في مورده على تقدير ثبوتها وبذلك يخرجها عن دائرة قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
واما الاستشكال الثاني، فينشأ من أن الذي ينساق إليه النظر ابتداء