يمكن التمسك باطلاق الدليل لان اطلاق الدليل انما يكشف عن اطلاق مدلوله، وهو الحكم وهذا معلوم بالضرورة على هذا المبني وانما الشك في اطلاق الملاك وضيقه ولا يمكن استكشاف اطلاق الملاك لا باطلاق الحكم المدلول للدليل، ولا باطلاق نفس الدليل، اما الأول فلان اطلاق الحكم انما يكشف عن اطلاق الملاك إذا كان بامكان المولى ان يجعله مقيدا فلم يفعل والمفروض في المقام استحالة التقييد، واما الثاني فلان الدليل مفاده مباشرة هو الحكم لا الملاك.
اخذ العلم بالحكم في موضوع ضده أو مثله:
واما الافتراض الثاني فهو مستحيل لان القاطع سواء كان مصيبا في قطعه أو مخطئا، يرى في ذلك اجتماع الحكمين المتضادين فيمتنع عليه ان يصدق بالحكم الثاني وما يمتنع تصديق المكلف به لا يمكن جعله، وفي حالات إصابة القطع للواقع يستبطن الافتراض المذكور اجتماع الضدين حقيقة.
وهذا الافتراض في حقيقته نحو من الردع عن العمل بالقطع بجعل حكم على القاطع مضاد لمقطوعه، واستحالته بتعبير آخر هي استحالة الردع عن العمل بالقطع.
واما الافتراض الثالث فقد يطبق عليه نفس المحذور المتقدم، ولكن باستبدال محذور اجتماع الضدين بمحذور اجتماع المثلين. وقد يجاب على ذلك بان محذور اجتماع المثلين يرتفع بالتأكد والتوحد، كما هو الحال في أكرم العادل وأكرم الفقير فإنهما يتأكدان في العادل الفقير ولكن هذا الجواب ليس صحيحا لان التأكد على نحو التوحد انما يكون في مثلين لا طولية وترتب بينهما، كما في المثال لا في المقام حيث إن أحدهما متأخر رتبة عن الآخر لترتبه على القطع به فلا يمكن ان يرتفع محذور اجتماع المثلين بالتأكد.