حجية القطع غير المصيب (وحكم التجري):
هناك معنيان للإصابة:
أحدهما: إصابة القطع للواقع بمعنى كون المقطوع به ثابتا.
والآخر: إصابة القاطع في قطعه، بمعنى انه كان يواجه مبررات موضوعيه لهذا القطع، ولم يكن متأثرا بحالة نفسية ونحو ذلك من العوامل.
وقد يتحقق المعنى الأول من الإصابة دون الثاني، فلو أن مكلفا قطع بوفاة انسان لاخبار شخص بوفاته وكان ميتا حقا غير أن هذا الشخص كانت نسبة الصدق في إخباراته عموما بدرجة سبعين في المائة، فقطع المكلف مصيب بالمعنى الأول، ولكنه غير مصيب بالمعنى الثاني، لان درجة التصديق بوفاة ذلك الانسان يجب ان تتناسب مع نسبة الصدق في مجموع اخباره.
ونفس المعنيين من الإصابة يمكن افتراضهما في درجات التصديق الأخرى أيضا، فمن ظن بوفاة انسان لاخبار شخص بذلك وكان ذلك الانسان حيا، فهو غير مصيب في ظنه بالمعنى الأول، ولكنه مصيب بالمعنى الثاني إذا كانت نسبة الصدق في إخبارات ذلك الشخص أكثر من خمسين في المائة، ونطلق على التصديق المصيب بالمعنى الثاني اسم التصديق الموضوعي واليقين الموضوعي، وعلى التصديق غير المصيب بالمعنى الثاني اسم التصديق الذاتي والقطع الذاتي.
وانحراف التصديق الذاتي عن الدرجة التي تفترضها المبررات الموضوعية، له مراتب، وبعض مراتب الانحراف الجزئية مما ينغمس فيه كثير من الناس، وبعض مراتبه يعتبر شذوذا، ومنه قطع القطاع، فالقطاع انسان يحصل له قطع ذاتي وينحرف غالبا في قطعه هذا انحرافا كبيرا عن الدرجة التي تفترضها المبررات الموضوعية.